المعنى فقط؟ حتى وجدنا مسلمًا أخرجه عن حرملة بن يحيىى، عن ابن وهب، عن عبد الرحمن بن شُريح وحده، فساقه بلفظ مغاير للفظ الذي أخرجه البخاريّ، قال: فعُرف أن اللفظ الذي حذفه البخاريّ هو لفظ عبد الرحمن بن شُريح الذي أبرزه هنا، والذي أورده هو لفظ الغير الذي أبهمه. انتهى.
قال: وكنت أظنّ أن مسلمًا حَذَف ذكر ابن لهيعة عمدًا؛ لضعفه، واقتصر على عبد الرحمن بن شريح، حتى وجدت الإسماعيليّ أخرجه من طريق حرملة بغير ذكر ابن لهيعة، فعرفت أن ابن وهب هو الذي كان يجمعهما تارةً، ويُفرد ابن شريح تارةً، وعند ابن وهب فيه شيخان آخران بسند آخر، أخرجه ابن عبد البرّ في "بيان العلم" من طريق سحنون: حدّثنا ابن وهب، حدّثنا مالك، وسعيد بن عبد الرحمن، كلاهما عن هشام بن عروة، باللفظ المشهور.
قال: وهذا الحديث مشهور عن هشام بن عروة، عن أبيه، سرد أبو القاسم عبد الرحمن بن الحافظ أبي عبد الله بن منده في كتاب "التذكرة" أسماء الذين رووه عن هشام، فزادوا على أربعمائة نفس وسبعين نفسًا، منهم: من الكبار شعبة، ومالك، وسفيان الثوريّ، والأوزاعيّ، وابن جريج، ومسعر، وأبو حنيفة، وسعيد بن أبي عروبة، والحمادان، ومعمر، بل أكبر منهم، مثل يحيى بن سعيد الأنصاريّ، وموسى بن عقبة، والأعمش، ومحمد بن عجلان، وأيوب، وبكير بن عبد الله بن الأشج، وصفوان بن سليم، وأبو معشر، ويحيى بن أبي كثير، وعمارة بن غزيّة، وهؤلاء العشرة كلهم من صغار التابعين، وهم من أقرانه، ووافق هشامًا على روايته عن عروة أبو الأسود محمد بن عبد الرحمن النوفلي، المعروف بيتيم عروة، وهو الذي رواه عنه ابن لهيعة، وأبو شريح، ورواه عن عروة أيضًا ولداه: يحيى، وعثمان، وأبو سلمة بن عبد الرحمن، وهو من أقرانه، والزهريّ، ووافق عروة على روايته عن عبد الله بن عمرو بن العاص: عُمر بن الحكم بن ثوبان، أخرجه مسلم من طريقه، ولم يَسُق لفظه، لكن قال: بمثل حديث هشام بن عروة، وكأنه ساقه من رواية جرير بن عبد الحميد، عن هشام. انتهى (١).
(١) "الفتح" ١٧/ ١٨٣ - ١٨٤، كتاب "الاعتصام" رقم (٧٣٠٧).