بطال بدافع لقول من قال: إن المراد حِفْظها سردًا، والله أعلم.
وقال النوويّ: قال البخاريّ وغيره من المحققين: معناه: حَفِظها، وهذا هو الأظهر؛ لثبوته نصًّا في الخبر، وقال في "الأذكار": هو قول الأكثرين.
وقال ابن الجوزيّ: لمّا ثبت في بعض طرُق الحديث "من حفظها" بدل: "أحصاها" اخترنا أن المراد: العدّ؛ أي: من عدّها؛ ليستوفيها حفظًا.
وتعقّبه الحافظ، فقال: وفيه نظر؛ لأنه لا يلزم من مجيئه بلفظ: "حفظها" تعيّن السرد عن ظهر قلب، بل يَحْتَمِل الحفظ المعنويّ.
وقيل: المراد بالحفظ: حفظ القرآن؛ لكونه مستوفيًا لها، فمن تلاه، ودعا بما فيه من الأسماء حصل المقصود، قال النوويّ: وهذا ضعيف.
وقيل: المراد: مَنْ تتبّعها من القرآن.
وقال ابن عطية: معنى أحصاها: عدّها، وحفظها، ويتضمن ذلك الإيمان بها، والتعظيم لها، والرغبة فيها، والاعتبار بمعانيها.
وقال الأصيليّ: ليس المراد بالإحصاء عدّها فقط؛ لأنه قد يعدّها الفاجر، وإنما المراد: العمل بها.
وقال أبو نعيم الأصبهانيّ: الإحصاء المذكور في الحديث ليس هو التعداد، وإنما هو العمل، والتعقل بمعاني الأسماء، والإيمان بها.
وقال أبو عمر الطلمنكيّ: من تمام المعرفة بأسماء الله تعالى، وصفاته التي يستحق بها الداعي والحافظ ما قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: المعرفة بالأسماء والصفات، وما تتضمن من الفوائد، وتدلّ عليه من الحقائق، ومن لم يعلم ذلك، لم يكن عالِمًا لمعاني الأسماء، ولا مستفيدًا بذكرها ما تدلّ عليه من المعاني.
وقال أبو العباس بن معد: يَحْتَمِل الإحصاء معنيين:
أحدهما: أن المراد: تتبّعها من الكتاب والسُّنَّة، حتى يحصل عليها.
والثاني: أن المراد: أن يحفظها بعد أن يجدها محصاةً، قال: ويؤيده أنه ورد في بعض طرقه: "من حفظها"، قال: ويَحْتَمِل أن يكون - صلى الله عليه وسلم - أطلق أوّلًا قوله: "من أحصاها دخل الجنة"، ووَكَل العلماء إلى البحث عنها، ثم يسَّر على الأمة الأمر، فألقاها إليهم محصاةً، وقال: "من حفظها دخل الجنة".