للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وتعقّبه الحافظ بأنه احتمال بعيد جدًّا؛ لأنه يَتَوقف على أن النبيّ - صلى الله عليه وسلم - حدّث بهذا الحديث مرتين، إحداهما قبل الأخرى، ومن أين يُثبت ذلك، ومخرج اللفظين واحد؟ وهو عن أبي هريرة، والاختلاف عن بعض الرواة عنه في أيّ اللفظين قاله. انتهى.

قال: وللإحصاء معانٍ أخرى، منها الإحصاء الفقهيّ، وهو العلم بمعانيها من اللغة، وتنزيلها على الوجوه التي تحتملها الشريعة (١)، ومنها: الإحصاء النظريّ، وهو أن يعلم معنى كل اسم بالنظر في الصيغة، ويستدلّ عليه بأثره الساري في الوجود، فلا تمرّ على موجود إلا ويظهر لك فيه معنى من معاني الأسماء، وتعرف خواصّ بعضها، وموقع القيد، ومقتضى كل اسم، قال: وهذا أرفع مراتب الإحصاء، قال: وتمام ذلك أن يتوجه إلى الله تعالى من العمل الظاهر والباطن بما يقتضيه كل اسم من الأسماء، فيعبد الله بما يستحقه من الصفات المقدسة التي وجبت لذاته، قال: فمن حصلت له جميع مراتب الإحصاء، حصل على الغاية، ومن مُنح مَنحًى من مناحيةا، فثوابه بقدر ما نال، والله أعلم.

[تنبيه]: وقع في "تفسير ابن مردويه"، وعند أبي نعيم من طريق ابن سيرين، عن أبي هريرة بدل قوله: "من أحصاها دخل الجنة": "من دعا بها دخل الجنة"، وفي سنده حصين بن مخارق، وهو ضعيف، وزاد خُليد بن دُعْلج في روايته التي تقدمت الإشارة إليها: "وكلّها في القرآن"، وكذا وقع من قول سعيد بن عبد العزيز، وكذا وقع في حديث ابن عباس، وابن عمر معًا بلفظ: "من أحصاها دخل الجنة، وهي في القرآن"، قاله في "الفتح" (٢)، وهو بحث نفيسٌ جدًّا، والله تعالى أعلم.

(المسألة التاسعة): قيل: استُدِلّ بهذا الحديث على أن الاسم هو المسمى، حكاه أبو القاسم القشيريّ في "شرح أسماء الله الحسنى"، فقال: في


(١) وقع في نسخة "الفتح"، بلفظ: وتنزيهها على الوجوه التي تحملها الشريعة، ولا يخفى ما فيه.
(٢) "الفتح" ١٤/ ٤٨٣ - ٤٨٦.