للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

هذا الحديث دليل على أن الاسم هو المسمى؛ إذ لو كان غيره كانت الأسماء غيره؛ لقوله تعالى: {وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا} [الأعراف: ١٨٠] ثم قال: والمَخْلَص من ذلك أن المراد بالاسم هنا: التسمية.

وقال الفخر الرازيّ: المشهور من قول أصحابنا: أن الاسم نفس المسمى، وغير التسمية، وعند المعتزلة: الاسم نفس التسمية، وغير المسمى، واختار الغزاليّ أن الثلاثة أمور متباينة، وهو الحقّ عندي؛ لأن الاسم إن كان عبارة عن اللفظ الدال على الشيء بالوضع، وكان المسمى عبارة عن نفس ذلك الشيء المسمى، فالعلم الضروري حاصل بأن الاسم غير المسمى، وهذا مما لا يمكن وقوع النزاع فيه.

وقال أبو العباس القرطبيّ في "المفهم": الاسم في العرف العامّ هو الكلمة الدالة على شيء مفرد، وبهذا الاعتبار لا فرق بين الاسم والفعل والحرف؛ إذ كل واحد منها يصدق عليه ذلك، وإنما التفرقة بينها باصطلاح النحاة، وليس ذلك من غرض المبحث هنا.

وإذا تقرر هذا عُرف غلط من قال: إن الاسم هو المسمى حقيقةً، كما زعم بعض الجهلة، فألزم أن من قال: نار احتَرَق، فلم يقدر على التخلص من ذلك، وأما النحاة فمرادهم بأن الاسم هو المسمى: أنه من حيث إنه لا يدلّ إلا عليه، ولا يُقصد إلا هو، فإن كان ذلك الاسم من الأسماء الدالة على ذات المسمى، دلّ عليها من غير مزيد أمر آخر، وإن كان من الأسماء الدالة على معنى زائد، دلّ على أن تلك الذات منسوبة إلى ذلك الزائد خاصّة دون غيره.

وبيان ذلك أنك إذا قلت: زيد مثلًا، فهو يدل على ذات متشخصة في الوجود، من غير زيادة ولا نقصان، فإن قلت: العالم، دلّ على أن تلك الذات منسوبة للعلم، ومن هذا صحّ عقلًا أن تتكثر الأسماء المختلفة على ذات واحدة، ولا توجب تعددًا فيها، ولا تكثيرًا، قال: وقد خفي هذا على بعضهم، ففرّ منه هربًا من لزوم تعدّد في ذات الله تعالى، فقال: إن المراد بالاسم: التسمية، ورأى أن هذا يخلصه من التكثر، وهذا فرار من غير مفرّ إلى مفرّ، وذلك أن التسمية إنما هي وَضْع الاسم، وذكر الاسم فهي نسبة الاسم إلى