للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

مسماه، فإذا قلنا: لفلان تسميتان، اقتضى أن له اسمين ننسبهما إليه، فبقي الإلزام على حاله، من ارتكاب التعسف.

ثم قال القرطبيّ: وقد يقال: الاسم هو المسمى على إرادة أن هذه الكلمة التي هي الاسم تُطلق، ويراد بها المسمى، كما قيل ذلك في قوله تعالى: {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى (١)} [الأعلى: ١]؛ أي: سبِّح ربك، فأُريدَ بالاسم المسمى.

وقال غيره: التحقيق في ذلك أنك إذا سمّيت شيئًا باسم، فالنظر في ثلاثة أشياء: ذلك الاسم، وهو اللفظ، ومعناه قبل التسمية، ومعناه بعدها، وهو الذات التي أُطلق عليها اللفظ، والذات واللفظ متغايران قطعًا، والنحاة إنما يُطلقونه على اللفظ؛ لأنهم إنما يتكلمون في الألفاظ، وهو غير مسمى قطعًا، والذات هي المسمى قطعًا، وليست هي الاسم قطعًا، والخلاف في الأمر الثالث، وهو معنى اللفظ قبل التلقيب، فالمتكلمون يطلقون الاسم عليه، ثم يختلفون في أنه الثالث، أو لا، فالخلاف حينئذ إنما هو في الاسم المعنويّ، هل هو المسمى، أو لا؟، لا في الاسم اللفظيّ، والنحويُّ لا يطلق الاسم على غير اللفظ؛ لأنه محطّ صناعته، والمتكلم لا ينازعه في ذلك، ولا يمنع إطلاق اسم المدلول على الدال، وإنما يزيد عليه شيئًا آخر، دعاه إلى تحقيقه ذِكر الأسماء والصفات، وإطلاقها على الله تعالى، قال: ومثال ذلك أنك إذا قلت: جعفر لقبه أنف الناقة، فالنحويّ يريد باللقب لَفْظ: أنف الناقة، والمتكلم يريد معناه، وهو ما يُفهم منه من مدح، أو ذمّ، ولا يمنع ذلك قول النحويّ: اللقب لفظ يُشعر بِضَعَة أو رِفْعَة؛ لأن اللفظ يُشعر بذلك؛ لدلالته على المعنى، والمعنى في الحقيقة هو المقتضِي للضَّعَة والرِّفْعة، وذات جعفر هي الملقبة عند الفريقين، وبهذا يظهر أن الخلاف في أن الاسم هو المسمى، أو غير المسمى خاصّ بأسماء الأعلام المشتقة.

ثم قال القرطبيّ: فأسماء الله، وإن تعددت، فلا تعدُّد في ذاته، ولا تركيب، لا محسوسًا كالجسميات، ولا عقليًّا كالمحدودات، وإنما تعددت الأسماء بحسب الاعتبارات الزائدة على الذات، ثم هي من جهة دلالتها على أربعة أضرب: