للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

(المسألة العاشرة): في اختلاف أهل العلم في الأسماء هل هي توقيفيّة، أم لا؟:

(اعلم): أنهم اختلفوا فيها، هل هي توقيفية؛ بمعنى: أنه لا يجوز لأحد أن يشتق من الأفعال الثابتة لله أسماء إلا إذا ورد نصّ، إما في الكتاب، أو السُّنَّة، فقال الفخر: المشهور عن أصحابنا أنها توقيفية، وقالت المعتزلة، والكرامية: إذا دلّ العقل على أن معنى اللفظ ثابت في حقّ الله جاز إطلاقه على الله.

وقال القاضي أبو بكر، والغزاليّ: الأسماء توقيفية، دون الصفات، قال: وهذا هو المختار، واحتج الغزاليّ بالاتفاق على أنه لا يجوز لنا أن نسمي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - باسم لم يسمِّه به أبوه، ولا سمَّى به نفسه، وكذا كل كبير من الخلق، قال: فإذا امتنع ذلك في حقّ المخلوقين فامتناعه في حقّ الله أَولى، واتفقوا على أنه لا يجوز أن يُطلق عليه اسم، ولا صفة تُوْهِم نقصًا، ولو ورد ذلك نصًّا، فلا يقال: ماهِدٌ، ولا زارعٌ، ولا فالقٌ، ولا نحو ذلك، وإن ثبت في قوله: {فَنِعْمَ الْمَاهِدُونَ} [الذاريات: ٤٨]، {أَمْ نَحْنُ الزَّارِعُونَ} [الواقعة: ٦٤]، {فَالِقُ الْحَبِّ وَالنَّوَى} [الأنعام: ٩٥]، ونحوها، ولا يقال له: ماكر، ولا بنّاء، وإن ورد: {وَمَكَرَ اللَّهُ} [آل عمران: ٥٤]، {وَالسَّمَاءَ بَنَيْنَاهَا} [الذاريات: ٤٧].

وقال أبو القاسم القشيريّ: الأسماء تؤخذ توقيفًا من الكتاب والسُّنَّة والإجماع، فكل اسم وَرَدَ فيها وجب إطلاقه في وَصْفه، وما لم يَرِدْ لا يجوز، ولو صحّ معناه.

وقال أبو إسحاق الزجاج: لا يجوز لأحد أن يدعو الله بما لم يصف به نفسه، والضابط: أن كل ما أذن الشرع أن يُدعى به، سواء كان مشتقًّا، أو غير مشتقّ، فهو من أسمائه، وكل ما جاز أن يُنسب إليه، سواء كان مما يدخله التأويل أو لا، فهو من صفاته، ويطلق عليه اسمًا أيضًا.

وقال الْحَلِيميّ: الأسماء الحسنى تنقسم إلى العقائد الخمس:

الأولى: إثبات الباري ردًّا على المعطِّلين، وهي الحيّ والباقي والوارث، وما في معناها.