و (الطبرانيّ) في "المعجم الصغير"(١/ ١٣٨)، و (أبو يعلى) في "مسنده"(٦/ ٤٢٧ و ٤٥٥ و ٧/ ٦)، و (البيهقيّ) في "الكبرى"(٣/ ٣٧٧) وفي "شُعب الإيمان"(٧/ ١٨٠ و ٢٣٨)، و (البغويّ) في "شرح السُّنَّة"(١٤٤٤)، والله تعالى أعلم.
(المسألة الثالثة): في فوائده:
١ - (منها): بيان النهي عن تمني الموت، وعن الدعاء به، وهو محمول على الكراهة على ما قيل، وحَمَله بعضهم على التحريم، وهو الظاهر.
٢ - (ومنها): أن قوله: "فإن كان لا بدّ متمنيًا، فليقل: اللَّهُمَّ أحيني ما كانت الحياة خيرًا لي، وتوفّني إذا كانت الوفاة خيرًا لي"، ليس المراد بهذا الأمر استحباب الدعاء به لهذا، بل تَرْكه أفضل من الدعاء به، فإنه رتَّب الأمر به على كون المتمني لا بدّ أن يقع منه صورة تمنّ مع نهيه أوّلًا عن ذلك، وكذا قال النوويّ: في هذه الحالة الأفضل الصبر، والسكون للقضاء.
٣ - (منها): ما قاله في "الفتح": لا يَرِد على هذا الحديث مشروعية الدعاء بالعافية مثلًا؛ لأن الدعاء بتحصيل الأمور الأخروية، يتضمن الإيمان بالغيب، مع ما فيه من إظهار الافتقار إلى الله تعالى، والتذلل له، والاحتياج، والمسكنة بين يديه، والدعاء بتحصيل الأمور الدنيوية؛ لاحتياج الداعي إليها، فقد تكون قُدّرت له إن دعا بها، فكل من الأسباب والمسببات مقدّر، وهذا كله بخلاف الدعاء بالموت، فليست فيه مصلحة ظاهرة، بل فيه مفسدة، وهي طلب إزالة نعمة الحياة، وما يترتب عليها من الفوائد، لا سيما لمن يكون مؤمنًا، فإن استمرار الإيمان من أفضل الأعمال، والله أعلم. انتهى (١).
٤ - (ومنها): أن الحديث قد دلّ على أن الوفاة قد تكون خيرًا للعبد، فما الجمع بينه وبين قوله في حديث أبي هريرة - رضي الله عنه -: "وإنه لا يزيد المؤمن من عمره إلا خيرًا؟ ".
[قلت]: إنْ حُمل المؤمن على الكامل في الإيمان، فالأمر في ذلك واضح، فإن ذلك الذي تكون الوفاة خيرًا له ليس كامل الإيمان، وإنْ حُمل على مطلق الإيمان، فالغالب أن تكون الحياة خيرًا له، كما تقدم، وهذه
(١) "الفتح" ١٧/ ٨١ - ٨٢، "كتاب التمنّي" رقم (٧٢٣٥).