للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

قال الحافظ: وفيه رَدّ على ما حكيته عن الترمذي الحكيم أن المراد بقوله تعالى: "ومن دونهما جنتان" الدنوّ، لا أنهما دون الجنتين المذكورتين قبلهما، وصرح جماعة بأن الأوليين أفضل من الأخريين، وعكس بعض المفسرين، والحديث حجة للأولين.

قال الطبريّ: اختُلف في قوله: {وَمِنْ دُونِهِمَا جَنَّتَانِ (٦٢)} [الرحمن: ٦٢] فقال بعضهم: معناه في الدرجة، وقال آخرون: معناه في الفضل.

وقوله: "جنتان" إشارة إلى قوله تعالى: {وَمِنْ دُونِهِمَا جَنَّتَانِ (٦٢)}، وتفسير له.

[فإن قلت]: هذا يدلّ على أن الجنتين من ذهب لا فضّة فيهما، وبالعكس، ويعارضه حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - قلنا: يا رسول الله حَدِّثنا عن الجنة ما بناؤها؟ قال: "لبنة من ذهب، ولبنة من فضة … " الحديث، أخرجه أحمد، والترمذيّ، وصححه ابن حبان، وله شاهد عن ابن عمر - رضي الله عنهما -، أخرجه الطبرانيّ، وسنده حسن، وآخر عن أبي سعيد - رضي الله عنه -، أخرجه البزار، ولفظه: "خَلَقَ الله الجنة لبنةً من ذهب، ولبنة من فضة … " الحديث.

[وأجيب]: بأنه يُجمَع بأن الأول صفة ما في كل جنة من آنية وغيرها، والثاني صفة حوائط الجنان كلها، ويؤيده أنه وقع عند البيهقي في "البعث" في حديث أبي سعيد - رضي الله عنه -: "إن الله أحاط حائط الجنة لبنةً من ذهب، ولبنة من فضة" (١)، والله تعالى أعلم بالصواب. (وَمَا) نافية (بَيْنَ الْقَوْمِ) أي أهل الجنّة (وَبَيْنَ أَنْ يَنْظُرُوا إِلَى رَبِّهِمْ) زاد في رواية ابن ماجه: تَبَارَكَ وَتَعَالَى (إِلَّا رِدَاءُ الْكِبْرِيَاءِ عَلَى وَجْهِهِ) قال السنديّ رحمه الله: الظاهر أن المراد برداء الكبرياء نفس صفة الكبرياء على أن الإضافة بيانيّة، وهذا هو الموافق لحديث: "الكبرياء ردائي" (٢)، وحينئذ لا يخفى أن ظاهر هذا الحديث يفيد أنهم لا يرونه تعالى،


(١) راجع: "الفتح" ١٣/ ٥٣٣ "كتاب التوحيد" رقم الحديث (٧٤٣٤ - ٧٤٤٧).
(٢) أخرجه مسلم (٢٦٢٠) من حديث أبي سعيد الخدري وأبي هريرة - رضي الله عنهما -، قالا: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "العز إزاره، والكبرياء رداؤه، فمن ينازعني عذبته".
وأخرجه أحمد، وأبو داود، وابن ماجه من طريق الأغر أبي مسلم، عن=