بِمِثْلِهَا)؛ أي: بمثل الخطيئة المقدّرة بقراب الأرض، (مَغْفِرَةً") منصوب على التمييز.
وقال في "المرعاة": قوله: "لقيته بمثلها مغفرة"؛ أي: إن أردت ذلك له؛ لقوله تعالى:{وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ}[النساء: ٤٨] ونكتة حذفه في الحديث استغناءً بعلمه منها، ومبالغة في سعة باب الرحمة.
قال الطيبيّ: المقصود من الحديث: دفع الياس بكثرة الذنوب، فلا ينبغي أن يغترّ في الاستكثار من الخطايا، قال ابن الملك: فإنه يغفر لمن يشاء، ويعذب من يشاء، ولا يعلم أنه من أيِّهم. انتهى.
وهذا المقصود من آخر الحديث، وأما أوله ففيه الترغيب والتحثيث على المجاهدة في الطاعة والعبادة؛ دفعًا للتكاسل والقصور.
[واعلم]: أنه قلَّما يوجد في الأحاديث حديث أرجى من هذا الحديث، فإنه - صلى الله عليه وسلم - رَتّب قوله: "لقيته بمثلها مغفرة" على عدم الإشراك بالله فقط، ولم يذكر الأعمال الصالحة، لكن لا يجوز لأحد أن يغترّ، ويقول: إذا كان كذلك، فأكثر الخطيئة، حتى يكثر الله المغفرة، وإنما قال تعالى ذلك كيلا ييأس المذنبون من رحمته، ولا شك أن لله مغفرة، وعقوبة، ومغفرته أكثر، ولكن لا يعلم أنه من المغفورين، أو من المعاقبين، فإذن ينبغي للمؤمن أن يكون بين الخوف والرجاء. انتهى (١)، والله تعالى أعلم.
وقؤله:(قَالَ إِبْرَاهِيمُ) هو: ابن محمد بن سفيان، أبو إسحاق الفقيه النيسابوريّ المتوفّى سنة (٣٠٨ هـ) تقدّمت ترجمته في "المقدّمة" ٦/ ٧٣.
(حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ بِشْرٍ) السّلَميّ، قاضي نيسابور، صدوقٌ [١١] لم يصحّ أن مسلمًا روى عنه، وإنما روى عنه إبراهيم بن محمد المذكور في مواضع علا فيها إسناده، مات سنة (٢٤٤) تقدم في "الطلاق" ٣/ ٣٦٧٩.
(حَدَّثَنَا وَكِيع) بن الجرّاح المذكور في السند الماضي، (بِهَذَا الْحَدِيثِ) المذكور آنفًا.