للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

مضاعَفًا، وتجد تلك الأذكار بأعيانها في رواية أخرى أكثر، أو أقل، كما اتَّفَق هنا في حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - المتقدّم، فإنَّ فيه ما ذكرناه من الثواب، وتجد تلك الأذكار بأعيانها، وقد علّق عليها من ثواب عِتْق الرقاب أكثر مما علقه على حديث أبي هريرة، وذلك أنه قال في حديث أبي هريرة: "من قال ذلك في يوم مئة مرة كانت له عدل عشر رقاب"، وفي حديث أبي أيوب: "من قالها عشر مرات كانت له عدل أربع رقاب"، وعلى هذا فمن قال ذلك مائة مرة كانت له عدل أربعين رقبة، وكذلك تجده في غير هذه الأذكار، فيرجع الاختلاف الذي في الأجور لاختلاف أحوال الذاكرين، وبهذا يرتفع الاضطراب بين أحاديث هذا الباب (١)، والله تعالى أعلم.

(المسألة الرابعة): قال القاضي عياض رَحِمَهُ اللهُ (٢): قوله: "حُطّت خطاياه، وإن كانت مثل زبد البحر"، مع قوله في التهليل: "مُحيت عنه مائة سيئة" قد يُشعر بأفضلية التسبيح على التهليل؛ يعني: لأن عدد زبد البحر أضعاف أضعاف المائة، لكن تقدّم في التهليل: "ولم يأت أحد بأفضل مما جاء به"، فيَحْتَمِل أن يُجمع بينهما بأن يكون التهليل أفضل، وأنه بما زِيد من رَفْع الدرجات، وكَتْب الحسنات، ثم ما جُعل مع ذلك من فضل عتق الرقاب، قد يزيد على فضل التسبيح، وتكفيره جميع الخطايا؛ لأنه قد جاء: من أعتق رقبة أعتق الله بكل عضو منها عضوًا منه من النار، فحصل بهذا العتق تكفير جميع الخطايا عمومًا بعد حصر ما عدّد منها خصوصًا، مع زيادة مائة درجة، وما زاده عتق الرقاب الزيادة على الواحدة، ويؤيده الحديث الآخر: "أفضل الذكر التهليل"، وأنه أفضل ما قاله، والنبيّون من قبله، وهو كلمة التوحيد، والإخلاص، وقيل: إنه اسم الله الأعظم، وقد مَضَى شرح التسبيح، وأنه التنزيه عما لا يليق بالله تعالى، وجميع ذلك داخل في ضمن: "لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك، وله الحمد، وهو على كل شيء قدير". انتهى ملخصًا.

قال الحافظ: وحديث: "أفضل الذكر لا إله إلا الله" أخرجه الترمذيّ، والنسائيّ، وصححه ابن حبان، والحاكم، من حديث جابر - رضي الله عنه -، ويعارضه في


(١) "المفهم" ٧/ ٢٠ - ٢١.
(٢) "إكمال المعلم" ٨/ ١٩٢.