للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

ذلك الحسن البصريّ وغيره، ومثل هذا لا بأس بالبحث عن أمره، لتقام عليه الحدود، وصرَّح بذلك بعض أصحابنا - يعني: الحنبليّة - واستَدَلّ بقول النبيّ - صلى الله عليه وسلم -: "واغْدُ يا أُنيسُ على امرأة هذا، فإن اعترفت فارجمها" (١). ومثل هذا لا يُشفع له إذا أُخذ، ولو لم يبلغ السلطان، بل يُترك حتى يقام عليه الحدّ" لينكَفّ شرّه، وَيَرتدع به أمثاله، قال مالك: من لم يُعرف منه أذى للناس، وإنما كانت منه زلّة، فلا بأس أن يُشفع له ما لم يبلغ الإمام، وأما من عُرف بشرّ، أو فساد، فلا أُحِبّ أن يَشفع له أحد، ولكن يُترك حتى يقام عليه الحدّ، حكاه ابن المنذر وغيره.

وكَرِه الإمام أحمد رَفْع الفسّاق إلى السلطان بكل حال، وإنما كرهه؛ لأنهم غالبًا لا يقيمون الحدود على وجهها، ولهذا قال: إن علمتَ أنه يقيم عليه الحدّ فارفعه، ثم ذكر أنهم ضربوا رجلًا، فمات؛ يعني: أنه لم يكن قَتْله جائزًا.

ولو تاب أحدٌ من الضرب الأول كان الأفضل له أن يتوب فيما بينه وبين الله تعالى، ويستر على نفسه، وأما الضرب الثاني فقيل: إنه كذلك، وقيل: بل الأَولى له أن يأتي الإمام، ويقرّ على نفسه بما يوجب الحدّ حتى يطهّره.

قال الجامع عفا الله عنه: عندي الأَولى عدم الاعتراف؛ لأنه - صلى الله عليه وسلم - أشار على ماعز بالتراجع، فدلّ على أن الأَولى عدمه، بل يُحسن التوبة فيما بينه وبين الله تعالى، والله تعالى أعلم.

(المسألة الثامنة): قوله: "والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه"، وفي حديث ابن عمر - رضي الله عنهما -: "ومن كان في حاجة أخيه، كان الله في حاجته"، وخرّج الطبرانيّ من حديث عمر - رضي الله عنه - مرفوعًا: "أفضل الأعمال إدخال السرور على المؤمن: كسوت عورته، أو أشبعت جوعته، أو قضيت له حاجته" (٢).


(١) متّفقٌ عليه.
(٢) ضعّفه الهيثميّ في "المجمع" بأن في سنده ضعيفين: محمد بن بشير الكنديّ، وكثير النوّاء، وحسّنه بعضهم. .