وبَعَث الحسن البصريّ قومًا من أصحابه في قضاء حاجة لرجل، وقال لهم: مُرّوا بثابت البنانيّ، فخذوه معكم، فأتَوْا ثابتًا، فقال: أنا معتكف، فرجعوا إلى الحسن، فأخبروه، فقال: قولوا: يا أعمش أما تعلم أن مشيك في حاجة أخيك المسلم خير لك من حجة بعد حجة؟، فرجعوا إلى ثابت، فترك اعتكافه، وذهب معهم.
وخرّج الإمام أحمد من حديث ابنة لخباب بن الأرتّ، قالت: خرج خباب في سرية، فكان النبيّ - صلى الله عليه وسلم - يتعاهدنا، حتى يحلُب عنزة لنا في جفنة لنا، فتمتلئ حتى تفيض، فلما قَدِم خباب حلبها، فعاد حلابها إلى ما كان.
وكان أبو بكر الصديق - رضي الله عنه - يحلُب للحيّ أغنامهم، فلما استُخلف قالت جارية منهم: الآن لا يحلبها، فقال أبو بكر: بل وإني لأرجو أن لا يغيّرني ما دخلت فيه عن شيء كنت أفعله، أو كما قال.
وإنما كانوا يقومون بالحِلاب؛ لأن العرب كانت لا تحلب النساء منهم، وكانوا يستقبحون ذلك، وكان الرجال إذا غابوا احتاج النساء إلى من يحلب لهنّ.
وقد رُوي عن النبيّ - صلى الله عليه وسلم - أنه قال لقوم:"لا تسقوني حَلْب امرأة"(١).
وكان عمر يتعاهد الأرامل، يستقي لهنّ الماء بالليل، ورآه طلحة بالليل يدخل بيت امرأة، فدخل إليها طلحة نهارًا، فماذا هي عجوز عمياء مقعدة، فسألها: ما يصنع هذا الرجل عندك؟ قالت: هذا مذ كذا وكذا يتعاهدني، ياتيني بما يصلحني، ويُخرج عني الأذى، فقال طلحة: ثكلتك أمك يا طلحة، أعورات عمر تتبع؟
وكان أبو وائل يطوف على نساء الحيّ وعجائزهنّ كل يوم، فيشتري لهنّ حوائجهنّ، وما يصلحهن.
وقال مجاهد: صحبت ابن عمر في السفر لأخدمه، فكان يخدمني.
وكان كثير من الصالحين يشترط على أصحابه أن يخدمهم في السفر، وصحب رجل قومًا في الجهاد، فاشترط عليهم أن يخدمهم، وكان إذا أراد أحد