للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وأجيب بعدّة أجوبة:

منها: ما تقدم في تفسير الغين، ومنها: قول ابن الجوزي: هفوات الطباع البشرية، لا يسلم منها أحد، والأنبياء وإن عُصموا من الكبائر، فلم يُعْصَموا من الصغائر، كذا قال، وهو مُفَرَّع على خلاف المختار، والراجح عِصْمتهم من الصغائر أيضًا.

قال الجامع عفا اللَّه عنه: هكذا قال الحافظ: إن الراجح عصمتهم من الصغائر، لكن الذي عليه المحقّقون أنهم تقع منهم الصغائر التي لا تخلّ بصدق نبوّتهم، لكنهم ليسوا كغيرهم، فلا يُقَرّون عليها، بل ينبّهون فورًا، وهذا هو الفرق بينهم وبين غيرهم، وأما ما يخلّ بصدق نبوتهم، وينفّر الناس عنهم فلا يقع منهم ولو كان من الصغائر، ككَذْبة، وسرقة لقمة، لا قصدًا، ولا غلطًا، ولا سهوًا.

قال شيخ الإسلام ابن تيميّة -رَحِمَهُ اللَّهُ-: إن القول بأن الانبياء معصومون عن الكبائر دون الصغائر هو قول أكثر علماء الاسلام، وجميع الطوائف، حتى إنه قول أكثر أهل الكلام، كما ذكر أبو الحسن الآمديّ: أن هذا قول أكثر الأشعرية، وهو أيضًا قول أكثر أهل التفسير، والحديث، والفقه، بل هو الذي لم يُنقل عن السلف، والأئمة، والصحابة، والتابعين، وتابعيهم، إلا ما يوافق هذا القول.

وذَكَر في موضع آخر: أن القول بعصمة الأنبياء مطلقًا مذهب الرافضة، وأنهم أول من قال بذلك، ثم تبعهم بعض المعتزلة، ثم وافقهم عليه طائفة من المتأخرين. انتهى (١).

قال الجامع: وقلت في "التحفة المرضيّة":

فَكُلُّ مُرْسَلِ بُعَيْدَ الْبِعْثَةِ … لَا يَفْعَلُ الْمُزْرِيَ بِالنُّبُوَّةِ

أَوْ مُوجِبَ الْخِسَّةِ أَوْ مَا يُسْقِطُ … مُرُوءَةً صمْدًا وَسَهْوًا يَهْبِطُ

وَأَجْمَعُوا عَلَى انْتِفَا الْكَبَائِرِ … وَرَجَّحُوا الْجَوَازَ لِلصَّغَائِرِ

لَكِنَّهُمْ يُنَبَّهُونَ فَوْرَا … فَنِعَمَةُ الْمَوْلَى عَلَيْهِمْ تَتْرَى


(١) "مجموع الفتاوى" ٤/ ٣١٩.