للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

والطمع في مالهم، والتذلل لهم بما يدنِّس العرض، ويَثْلَم الدين، ويوجب عدم الرضا بما قُسم، ذكره البيضاويّ، وقال الطيبيّ: الفتنة إن فُسّرت بالمحنة والمصيبة، فشرّها أن لا يصبر الرجل على لأوائها، ويجزع منها، وإن فُسرت بالامتحان والاختبار، فشرّها أن لا يَحمد في السراء، ولا يصبر في الضراء (١).

وقال في "الفتح": قال الغزاليّ: فتنة الغنى: الحرص على جمع المال، وحبه، حتى يكسبه من غير حِلّه، وبمنعه من واجبات إنفاقه، وحقوقه، وفتنة الفقر يراد به: الفقر الْمُدْقِع الذي لا يصحبه خير، ولا ورع، حتى يتورط صاحبه بسببه فيما لا يليق بأهل الدين والمروءة، ولا يبالي بسبب فاقته على أيّ حرام وثب، ولا في أيّ حالة تورّط، وقيل: المراد به: فَقْر النفس الذي لا يردّه مُلك الدنيا بحذافيرها، وليس فيه ما يدل على تفضيل الفقر على الغنى، ولا عكسه. انتهى (٢).

(وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ فِتْنَةِ الْمَسِيحِ الدَّجَّالِ) "المسيح" بفتح الميم، وكسر السين، وبكسرهما مع تشديد السين، فمن شدّد فهو من ممسوح العين، ومن خفّف فهو من السياحة؛ لأنه يمسح الأرض، أو لأنه ممسوح العين اليمنى؛ أي: أعور، وقال ابن فارس: المسيح: الذي أحد شِقَّيْ وجهه ممسوح، لا عين له، ولا حاجب.

و"الدجال" من الدجل، وهو التغطية؛ لأنه يغطي الأرض بالجمع الكثير، أو لتغطيته الحقّ بالكذب، أو لأنه يقطع الأرض (٣).

وقال المناويّ: "المسيح" بفتح الميم، وخفة السين، وبحاء مهملة، سُمّي به؛ لكون إحدى عينيه ممسوحة، أو لمسح الخير منه، فَعِيل بمعنى مفعول، أو لمسحه الأرض، أو قطعها في أمد قليل، فهو بمعنى فاعل، وقيل: هو بِخاء معجمة، ونُسب قائله إلى التصحيف.

و"الدجال": احتراز عن عيسى عليه السلام، من الدجل: الخلطُ، أو التغطية، أو الكذب، أو غير ذلك، وهو عدو اللَّه المموِّه، واسمه: صافي، وكنيته: أبو


(١) "فيض القدير" ٢/ ١٢٧.
(٢) "فتح الباري" ١١/ ١٧٧.
(٣) "عمدة القاري" ٥/ ٢٣.