للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

يوسف، وهو يهوديّ، وإنما استعاذ النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- منه مع كونه لا يدركه؛ نشرًا لخبره بين أمته جِيلًا بعد جيل؛ لئلا يلتبس كفره على مدركه. انتهى (١).

وقال وليّ الدين -رَحِمَهُ اللَّهُ-: المشهور في لفظ "المسيح الدجال" أنه بفتح الميم، وكسر السين المهملة، وتخفيفها، وبالحاء المهملة؛ كالمسيح ابن مريم؛ إلا أنه مسيح الهدى، وذاك مسيح الضلالة، سُمِّي به لمسح إحدى عينيه، فيكون بمعنى مفعول، وقيل: لمسحه الأرض، فيكون بمعنى فاعل، وقيل: التمسّح والتمساح: المارد الخبيث، فقد يكون فعيلًا من هذا، وقال ثعلب في "نوادره": التمسح والممسَّح: الكذاب، فقد يكون من هذا أيضًا، وضَبَطه بعضهم بكسر الميم، وتشديد السين، حُكي عن ابن أبي مروان بن سراج، وأنكره الهرويّ، وقال: ليس بشيء، وضُبِط بوجهين آخرين، هما: بفتح الميم مع تخفيف السين، وكسر الميم، مع تشديد السين، مع الخاء المعجمة فيهما، يقال: مسخ خلقه؛ أي: شَوَّه، وقيل: هو الممسوخ العين، والمسيخ الأعور، وقال بعضهم: أصله بالعبرانية: مشيح؛ أي: بالشين المعجمة، والحاء المهملة، فعُرِّب كما عُرِّب موسى.

وأما "الدجال" فقيل: معناه الكذاب، وقيل: الممَوِّه بباطله، وسِحره الملبِّس به، والدجل: طلي البعير بالقطران، وقيل: سمي بذلك لضربه نواحي الأرض، وقَطْعه لها، يقال: دجل الرجل، بالتخفيف والتثقيل، كما ذكره القاضي في "المشارق"، وبالفتح والضم، كما ذكره في "الإكمال شرح مسلم": إذا فعل ذلك، وقيل: هو من التغطية؛ لأنه يغطي الأرض بجموعه، والدجل: التغطية، ومنه سمّيت دجلة؛ لتغطية ما فاضت عليه. انتهى (٢).

(اللَّهُمَّ اغْسِلْ خَطَايَايَ) جمع خطيئة، وأصل خطايا: خطائئ، على وزن فعائل، ولمّا اجتَمَعت الهمزتان، قُلبت الثانية ياء؛ لأن قبلها كسرة، ثم استُثقِلت، والجمع ثقيل، وهو معتلّ مع ذلك، فقُلبت الياء ألفًا، ثم قُلبت الهمزة الأُولى ياء؛ لخفائها بين الألِفين (٣).


(١) "فيض القدير" ٢/ ١٢٧.
(٢) "طرح التثريب شرح التقريب" ٣/ ١٠٩.
(٣) "عمدة القاري" ٦/ ٢٣.