فذكره، وفي رواية جرير قال:"كنا عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فنظر إلى القمر ليلة البدر، فقال: إنكم ستُعْرَضون على ربكم، فترونه كما ترون هذا القمر … " الحديث مختصر، قال الحافظ رحمه الله: ويحتمل أن يكون الكلام وقع عند سؤالهم المذكور. انتهى (١).
(فَقَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: "هَلْ تُضَارُّونَ فِي رُؤْيَةِ الْقَمَرِ لَيْلَةَ الْبَدْرِ؟ ") بضم أوله، وبالضاد المعجمة، وتشديد الراء، بصيغة المفاعلة، من الضَّرَر، وأصله: تُضَارِرُون، بكسر الراء وبفتحها: أي لا تَضُرُّون أحدًا، ولا يَضُرُّكم بمنازعة، ولا مجادلة، ولا مضايقة.
وجاء "تُضَارُونَ" بتخفيف الراء، من الضَّيْر، وهو لغة في الضُّرّ: أي لا يخالف بعضٌ بعضًا، فيُكَذِّبه، وينازعه، فيضيره بذلك، يقال: ضاره يَضِيره.
وقيل: المعنى: لا تَضَايَقُون، أي لا تَزَاحمون، كما جاء في الرواية الأخرى:"لا تَضَامُّون" بتشديد الميم، مع فتح أوله.
وقيل: المعنى: لا يَحْجُب بعضكم بعضًا عن الرؤية، فيَضُرَّ به، وحَكَى الجوهريّ: ضَرَّنِي فلان: إذا دنا مني دنوًّا شديدًا، قال ابن الأثير: فالمراد المضارَّة بالازدحام.
وقال النوويّ: أوله مضموم مثقَّلًا ومخففًا، قال: ورُوِيَ "تَضَامُّون" بالتشديد مع فتح أوله، وهو بحذف إحدى التاءين، وهو من الضّمّ، وبالتخفيف مع ضم أوله من الضيم، والمراد: الْمَشَقَّة والتعَبُ، قال: وقال عياض: قال بعضهم في الذي بالراء، وبالميم بفتح أوله والتشديد، وأشار بذلك إلى أن الرواية بضم أوله مخففًا ومثقلًا، وكله صحيحٌ، ظاهر المعنى.
ووقع في رواية البخاريّ:"لا تضامون، أو تضاهون" بالشك، ومعنى الذي بالهاء: لا يَشْتَبِه عليكم، ولا تَرْتابون فيه، فيعارض بعضُكم بعضًا، ومعنى الضيم: الغلبة على الحقّ، والاستبداد به: أي لا يَظْلِم بعضُكم بعضًا، ووقع في رواية:"هل تُمَارون" بضم أوله، وتخفيف الراء: أي تجادلون في ذلك، أو يَدخُلكم فيه شكّ من الْمِرْية، وهو الشكّ، وجاء بفتح أوله، وفتح الراء، على