للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

مرتَّب على الفتنة، والسبب غير المسبَّب، ولا يقال: إن المقصود زوال عذاب القبر؛ لأن الفتنة نفسها أمر عظيم، وهو شديد يستعاذ باللَّه من سوئه. انتهى.

قال وليّ الدين -رَحِمَهُ اللَّهُ-: هذا مبنيّ على أن المراد بالفتنة: الامتحان، والاختبار، وهو الظاهر، فأما إن حُملت الفتنة على العذاب، كما في قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ فَتَنُوا الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ} [البروج: ١٠]؛ أي: عذَّبوهم، فتتَّحد فتنة القبر مع عذاب القبر، والأَولى حمل الفتنة على الامتحان والاختبار؛ ليحصل التغاير، لا سيما، وقد ذكروا أن هذا هو أصل مدلول الفتنة، واللَّه أعلم. انتهى.

وقال في "الفتح": وأما فتنة المحيا والممات، فقال ابن بطال: هذه كلمة جامعة لِمعانٍ كثيرة، وينبغي للمرء أن يرغب إلى ربه في رفع ما نزل، ودفع ما لم ينزل، ويستشعر الافتقار إلى ربه في جميع ذلك، وكان -صلى اللَّه عليه وسلم- يتعوذ من جميع ما ذُكر؛ دفعًا عن أمته، وتشريعًا لهم؛ ليبيِّن لهم صفة المهمّ من الأدعية.

قال الحافظ: أصل الفتنة: الامتحان والاختبار، واستُعملت في الشرع في اختبار كشف ما يُكره، ويقال: فتنتُ الذهب إذا اختبرته بالنار؛ لتنظر جودته، وفي الغفلة عن المطلوب، كقوله: {أَنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلَادُكُمْ فِتْنَةٌ} [الأنفال: ٢٨] وتُستعمل في الإكراه على الرجوع عن الدِّين، كقوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ فَتَنُوا الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ} [البروج: ١٠]، واستُعملت أيضًا في الضلال، والإثم، والكفر، والعذاب، والفضيحة، ويُعرف المراد حيثما وَرَدَ بالسياق والقرائن. انتهى (١)، واللَّه تعالى أعلم.

مسألتان تتعلّقان بهذا الحديث:

(المسألة الأولى): حديث أنس بن مالك -رضي اللَّه عنه- هذا متّفقٌ عليه.

(المسألة الثانية): في تخريجه:

أخرجه (المصنّف) هنا [١٥/ ٦٨٤٩ و ٦٨٥٠ و ٦٨٥١ و ٦٨٥٢] (٢٧٠٦)،


(١) "الفتح" ١٤/ ٤٠٥، "كتاب الدعوات" رقم (٦٣٦٧).