عَمِلت عملًا أرجى عندي، أني لم أتطهر طهورًا في ساعة ليل، أو نهار، إلا صليت بذلك الطهور ما كُتب لي، أن أصلي. قال أبو عبد اللَّه: دَفّ نعليك: يعني: تحريك (١).
وقد ترجم البخاريّ على هذا الحديث، فقال:"باب فضل الطهور بالليل والنهار، وفضل الصلاة بعد الوضوء بالليل والنهار".
٢ - (ومنها): ما قاله ابن بطال -رَحِمَهُ اللَّهُ-: فيه أن الوضوء عند النوم مندوب إليه، مرغَّب فيه، وكذلك الدعاء؛ لأنه قد تُقبض روحه في نومه، فيكون قد خُتم عمله بالوضوء والدعاء الذي هو أفضل الأعمال، ثم إن هذا الوضوء مستحب، وإن كان متوضئًا كفاه ذلك الوضوء؛ لأن المقصود النوم على طهارة؛ مخافة أن يموت في ليلته، ويكون أصدق لرؤياه، وأبعد من تلعّب الشيطان به في منامه.
٣ - (ومنها): استحباب النوم على الشقّ الأيمن؛ لأن النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- كان يحب التيامن، ولأنه أسرع إلى الانتباه، وإلى انحدار الطعام كما هو مذكور في الكتب الطبية، كذا قال الكرمانيّ.
وتعقّبه العينيّ، فقال: الذي ذكره الأطباء خلاف هذا، فإنهم قالوا: النوم على الأيسر رَوْح للبدن، وأقرب إلى انهضام الطعام، ولكن اتباع السُّنَّة أحقّ وأَولى.
٤ - (ومنها): استحباب النوم على ذكر اللَّه سبحانه وتعالى؛ ليكون خاتمة عمله ذلك، اللَّهُمَّ اختم لنا بالخير.
٥ - (ومنها): ما قاله الخطابيّ: فيه حجة لمن منع رواية الحديث بالمعنى، وهو قول ابن سيرين، وغيره، وكان يذهب هذا المذهب أبو العباس النحويّ، ويقول: ما من لفظة من الألفاظ المتناظرة في كلامهم، إلا وبينها وبين صاحبتها فرق، وإن دَقّ ولَطُف، كقوله: بلى، ونعم.
قال العينيّ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: هذا الباب فيه خلاف بين المحدثين، وقد عُرف في موضعه، ولكن لا حجة في هذا للمانعين؛ لأنه يَحْتَمِل الأوجه التي ذكرناها