للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

فيقولون: الساق، فيكشف عن ساقه، فيسجد له كل مؤمن، ويبقى من كان يسجد رياء وسمعة، فيذهب كيما يسجد، فيصير ظهره طبقًا واحدًا": أي يستوي فَقَار ظهره، فلا ينثني للسجود، وفي لفظ لمسلم: "فلا يبقى من كان يسجد من تلقاء نفسه، إلا أُذن له في السجود": أي سَهُل له، وهُوِّن عليه، ولا يبقى من كان يسجد اتّقاءً ورياءً إلا جعل الله ظهره طبقًا واحدًا، كلما أراد أن يسجد خَرّ لقفاه.

وفي حديث ابن مسعود نحوه، لكن قال: "فيقولون: إن اعترف لنا عرفناه، قال: فيَكْشِف عن ساق، فيقعون سُجُودًا، وتبقى أصلاب المنافقين كأنها صياصي البقر".

وفي رواية أبي الزَّعْراء عنه عند الحاكم: "وتبقى ظهور المنافقين طبقًا واحدًا، كأنما فيها السفافيد"، وهي بمهملة وفاءين جمع سَفُّود بتشديد الفاء، وهو الذي يدخل في الشاة إذا أريد أن تُشْوَى.

ووقع في رواية الأعمش، عن أبي صالح، عن أبي هريرة عند ابن منده: "فيوضع الصراط، ويتمثل لهم ربهم … "، فذكر نحو ما تقدم، وفيه: "إذا تعرّف لنا عرفناه وفي رواية العلاء بن عبد الرحمن: "ثم يَطّلع عز وجل عليهم، فيُعَرِّفهم نفسه، ثم يقول: أنا ربكم، فاتبعوني، فيتبعه المسلمون".

وقوله في هذه الرواية: "فيعرّفهم نفسه": أي يُلْقِي في قلوبهم علمًا قطعيًّا يعرفون به أنه ربهم سبحانه وتعالى، وقال الكلاباذي في "معاني الأخبار": عرفوه بأن أحدث فيهم لطائف عرَّفهم بها نفسه.

ومعنى كشف الساق: زوالُ الخوف والهول الذي غَيّرهم حتى غابوا عن رؤية عوراتهم.

قال الجامع عفا الله عنه: تأويل الساق بهذا المعنى تأويل قبيح؛ إذ فيه نفي صفة الساق عن الله سبحانه وتعالى، فالحقّ ثبوت الساق لله سبحانه وتعالى على ما يليق بجلاله، كثبوت اليد، والعين، والوجه، والقدم، وغير ذلك، فكلّها صفة لله تعالى حقيقة، على ما يليق بجلاله، لا تماثل صفات المخلوقين، ولا يجوز تأويلها، أو تعطيلها عن الله تعالى، كسائر الصفات الثابتة له في نصوص الكتاب، والسنن الصحيحة، والله تعالى أعلم.