للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وقال التوربشتيّ (١): "زنة عرشه" ما يوازنه في القدر والرزانة، يقال: هو زنة الجبل؛ أي: حذاؤه في الثقل والرزانة، والمداد مصدر، تقول: مددت الشيء أمُدّه مدًّا، ومِدادًا، وقيل: يَحْتَمِل أن يكون جمع مُدّ بالضمّ؛ أي: مكيال، فإنه يُجمع على مِداد. انتهى (٢).

(وَرِضَا نَفْسِهِ)؛ أي: بمقدار رضا ذاته الشريفة؛ أي: بمقدارٍ يكون سببًا لرضاه تعالى، أو بمقدار يرضي به لذاته، ويختاره، فهو مثل ما جاء: "ومِلْأَ ما شئت من شيء بعد"، وفيه إطلاق النفس عليه تعالى من غير مشاكلة، وبمقدار ثِقَل عرشه، وبمقدار زيادة كلماته؛ أي: بمقدارٍ يساويهما يساوي العرش وزنًا، والكلمات عددًا، وقيل: نَصْب الكل على الظرفية، بتقدير: قَدْر؛ أي: قَدْر عدد مخلوقاته، وقَدْر رضاه. . . إلخ، وقيل: نصب هذه الألفاظ على المصدرية؛ أي: أَعُدّ تسبيحه المقرون بحمده عدد خلقه، وأُقَدِّر مقدار ما يرضى لنفسه، وزنة عرشه، ومقدار كلماته. انتهى (٣).

وقال القرطبيّ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: "ورضا نفسه": يعني: أن رضاه عمن رضي عنه من النبيين والصالحين لا ينقطع، ولا ينقضي، وإنما ذكر النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- هذه الأمور على جهة الإغياء، والكثرة التي لا تنحصر، منبّهًا على أن الذاكر بهذه الكلمات ينبغي له أن يكون بحيث لو تمكّن من تسبيح اللَّه، وتحميده، وتعظيمه عددًا لا يتناهى، ولا ينحصر لفعل ذلك، فحصل له من الثواب ما لا يدخل في حساب. انتهى (٤).

(وَزِنَةَ عَرْشِهِ)؛ أي: قَدْر وَزْن عرشه، ولا يعلم وزنه إلا اللَّه تعالى.

(وَمِدَادَ كَلِمَاتِهِ") بكسر الميم، قيل: معناه: مثلها في العدد، وقيل: مثلها في عدم النفاد، وقيل: مثلها في الكثرة، وقيل: في الثواب، والمداد مصدر مثل المدد، وهو ما كثّرت به الشيء، قاله النوويّ (٥).


(١) سيأتي تعقّب السيوطي عليه قريبًا.
(٢) "الكاشف عن حقائق السنن" ٦/ ١٨٢٢.
(٣) "مرعاة المفاتيح" ٧/ ٩١٩.
(٤) "المفهم" ٧/ ٥٣.
(٥) "شرح النوويّ" ١٧/ ٤٤، و"مرعاة المفاتيح" ٧/ ٩١٨.