للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

منها في خلوتها خلاف ما يظهر منها بحضرة النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم-، فخاف أن يكون ذلك من أنواع النفاق، وأراد من نفسه أن يستديم تلك الحالة التي كان يجدها عند موعظة النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم-، ولا يشتغل عنها بشيء. انتهى (١).

(قَالَ) أبو بكر -رضي اللَّه عنه- معتجّبًا من قوله: (سُبْحَانَ اللَّهِ) قال القاري: تعجبٌ، أو تبرئةٌ، وتنزيهٌ، (مَا تَقُولُ؟) قال الطيبيّ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: "سبحان اللَّه" كلمة تعجّب، و"ما" استفهامية، وقوله: "تقول" هو المتعجَّب منه (٢)، يعني: عجبت من قولك هذا الذي حكمت فيه بالنفاق على نفسك. (قَالَ) حنظلة: (قُلْتُ: نَكُونُ)؛ أي: جميعًا على وصف الجمعية، (عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-)؛ المعنى: لا عَجَب في ذلك؛ لأنّا نكون عنده، وأتى بضمير الجمع؛ لأنَّ من المعلوم أنه لا بُدّ في الحاضرين من يشابه حنظلة في ذلك، ولم يقل: نافقنا؛ لئلا يُتوهم العموم الشامل للخصوص (٣). (يُذَكِّرُنَا) بالتشديد؛ أي: يَعِظنا (بِالنَّارِ)؛ أي: بعذابها تارةً، (وَالْجَنَّةِ)؛ أي: بنعيمها أخرى؛ ترهيبًا، وترغيبًا، أو يذكّرنا اللَّه بذكرهما، أو بقربهما، (حَتَّى كَأَنَّا) وفي بعض النسخ: "كأنّا" بحذف "حتى" في الموضعين؛ أي: حتى صرنا كأنّا (رَأيَ عَيْنٍ) بالنصب؛ أي: كأنا نرى اللَّه، والجنة، والنار رأيَ عين، فهو مفعول مطلق بإضمار "نرى"، ورُوي بالرفع؛ أي: كأنا راؤون الجَنَّة والنار بِالْعين، على أنه مصدر بمعنى اسم الفاعل، ويصحّ كونه الخبرَ؛ للمبالغة، كرجل عدل، قال القاضي: ضبطناه "رأيُ عين" بالرفع؛ أي: كأنّا بحالِ من يراهما بعينه، قال: ويصحّ النصب على المصدر؛ أي: نراهما رأيَ عين. انتهى (٤).

(فَإِذَا خَرَجْنَا)؛ أي: فارقناه على وصف التفرقة، (مِنْ عِنْدِ رَسُولِ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- عَافَسْنَا الأَزْوَاجَ، وَالأَوْلَادَ) با لفاء، والسين المهملة؛ أي: خالطناهم،


(١) "المفهم" ٧/ ٦٦.
(٢) "الكاشف عن حقائق السنن" ٥/ ١٧٣١.
(٣) "مرقاة المفاتيح" ٥/ ١٤٩.
(٤) "شرح النوويّ" ١٧/ ٦٦.