للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وعلى الجملة فسُنَّة اللَّه في هذا العالم الإنسانيّ جَعْلُ تمكينهم في تلوينهم، ومشاهدتهم في مكابدتهم، وسِرُّ ذلك أن هذا العالَم متوسّط بين عالَمَي الملائكة والشياطين، فمكّن الملائكة في الخير بحيث يفعلون ما يؤمرون، ويسبّحون الليل والنهار لا يفترون، ومكَّن الشياطين في الشرّ والإغواء، بحيث لا يغفلون، وجعل هذا العالم الإنسانيّ متلوّنًا، فيمكّنه، ويُلَوِّنه، ويُفنيه ويُبقيه، ويُشهده، ويُفقده، وإليه أشار النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- بقوله: "ولكن يا حنظلة! ساعة وساعة".

وقال في حديث أبي ذرّ -رضي اللَّه عنه-: "وعلى العاقل أن يكون له ساعاتٌ: ساعة يناجي فيها ربه، وساعة يحاسب فيها نفسه، وساعة يفكر فيها في صنع اللَّه، وساعة يخلو فيها لحاجته من المطعم والمشرب" (١)، هكذا الكمال، وما عداه تُرّهاتٌ وخيال. انتهى (٢)، واللَّه تعالى أعلم.

وبالسند المتّصل إلى المؤلّف -رَحِمَهُ اللَّهُ- أوّلَ الكتاب قال:

[٦٩٤٢] (. . .) - (حَدَّثَنِي إِسْحَاقُ بْنُ مَنْصُورٍ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ الصَّمَدِ، سَمِعْتُ أَبِي يُحَدِّثُ، حَدَّثَنَا سَعِيدٌ الْجُرَيْرِيُّ، عَنْ أَبِي عُثْمَانَ النَّهْدِيِّ، عَنْ حَنْظَلَةَ، قَالَ: كُنَّا عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-، فَوَعَظَنَا، فَذَكَّرَ النَّارَ، قَالَ: ثُمَّ جِئْتُ إِلَى الْبَيْتِ، فَضَاحَكْتُ الصِّبْيَانَ، وَلَاعَبْتُ الْمَرْأَةَ، قَالَ: فَخَرَجْتُ، فَلَقِيتُ أَبَا بَكْرٍ، فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لَهُ، فَقَالَ: وَأَنَا قَدْ فَعَلْتُ مِثْلَ مَا تَذْكُرُ، فَلَقِينَا رَسُولَ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ نَافَقَ حَنْظَلَةُ، فَقَالَ: "مَهْ؟ "، فَحَدَّثْتُهُ بِالْحَدِيثِ، فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَأَنَا قَدْ فَعَلْتُ مِثْلَ مَا فَعَلَ، فَقَالَ: "يَا حَنْظَلَةُ سَاعَةً وَسَاعَةً، وَلَوْ كَانَتْ تَكُونُ قُلُوبُكُمْ كَمَا تَكُونُ عِنْدَ الذِّكْرِ، لَصَافَحَتْكُمُ الْمَلَائِكَةُ، حَتَّى تُسَلِّمَ عَلَيْكُمْ فِي الطُّرُقِ").


(١) حديث ضعيف جدًّا، رواه أبو نعيم في "الحلية" ١/ ١٦٦ - ١٦٨، وابن حبّان في "صحيحه" (٣٦١)، وفي إسناده إبراهيم بن هشام بن يحيى الغسانيّ الدمشقيّ: قال أبو حاتم: كذَّاب، وكذَّبه أبو زرعة، كما في "ميزان الاعتدال" ٢/ ١٤٢ - ١٤٣، وقال الذهبيّ: متروك.
(٢) "المفهم" ٧/ ٦٧ - ٦٨.