للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

منه (حُمَمًا) قال النوويّ - رَحِمَهُ اللهُ -: معنى "عادوا": صاروا، وليس بلازم في "عاد" أن يصير إلى حالة كان عليها قبل ذلك، بل معناه صار.

و"الْحُمَمُ" بضم الحاء، وفتح الميم الأولى المخففة، وهو الْفَحْم، الواحدة حُمَمَة.

(فَيُلْقِيهِمْ) أي يطرحهم الله تعالى (فِي نَهَرٍ فِي أَفْوَاهِ الْجَنَّةِ) أي أوائلها (يُقَالُ لَهُ: نَهَرُ الْحَيَاةِ) قال النوويّ - رَحِمَهُ اللهُ -: أما "النهر" ففيه لغتان معروفتان: فتح الهاء وإسكانها، والفتح أجود، وبه جاء القرآن العزيز، و"الأفواه" فجمع فُوَّهَة، بضم الفاء، وتشديد الواو المفتوحة، وهو جَمْغ سُمِعَ من العرب على غير قياس، وأَفْوَاهُ الأَزِقَّة والأنهار: أوائلها، قال صاحب "المطالع": كأن المراد في الحديث مفتتح من مسالك قصور الجنة ومنازلها. انتهى (١).

وقال القاري - رَحِمَهُ اللهُ -: ويُمكن أن يكون الأفواه كناية عن أبواب الجنّة، وهو الملائم لدخولهم إياها على أحسن الهيئة. انتهى (٢).

(فَيَخْرُجُونَ كَمَا تَخْرُجُ الْحِبَّةُ) ببناء الفعلين للفاعل، و"الْحِبّة" بكسر الحاء المهملة: اسم جامع لبذور الصحراء مما ليس بقوت (فِي حَمِيلِ السَّيْلِ) بفتح الحاء المهملة، وكسر الميم: ما يحمله السيل من غُثاء وطين، ونحو ذلك، وشبّههم بها؛ لسرعة نباتها، وحسنها، وطراوتها (أَلَا تَرَوْنَهَا تَكُونُ إِلَى الْحَجَر، أَوْ إِلَى الشَّجَر، مَا يَكُونُ إِلَى الشَّمْسِ أُصَيْفِرُ وَأُخَيْضِرُ) بتصغيرهما، وفي نسخة بتكبيرهما (وَمَا يَكُونُ مِنْهَا إِلَى الظِّلِّ يَكُونُ أَبْيَضَ) مكبّرًا، وفي نسخة: "أُبَيِّض" بتشديد الياء المكسورة مصغّرًا، وقال النوويّ - رَحِمَهُ اللهُ -: "يكون" في الموضعين الأولين تامّة، ليس لها خبر، معناها ما يقع، و"أُصيفر"، و"اخيضر" مرفوعان، وأما قوله: "يكون أبيض" فـ "يكون" فيه ناقصة، و"أبيض" منصوب على أنه خبرها. انتهى.

(فَقَالُوا: يَا رَسُولَ الله، كَأَنَّكَ كُنْتَ تَرْعَى بِالْبَادِيَةِ؟) أي حيث عرفت كيف تنبت الحبّة، ودقّقت في وصف ذلك (قَالَ) - صلى الله عليه وسلم - (فَيَخْرُجُونَ كَاللُّؤْلُؤِ) قال النوويّ - رَحِمَهُ اللهُ -: "اللؤلؤ": معروف، وفيه أربع قراءات في السبع: بهمزتين في


(١) "شرح النوويّ" ٣/ ٣٢.
(٢) "المرقاة" ٩/ ٥٣٩.