للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

(أَلَا أُخْبِرُكَ بِنُزُلِ أَهْلِ الْجَنَّةِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ؟ قَالَ) -صلى الله عليه وسلم-: ("بَلَى" أي: أخبرني به، وقد تقدّم البحث في "بلى"، و"نَعَمْ" غير مرّة، فلا تغفل. (قَالَ) الرجل (تَكُونُ الأَرْضُ خُبْزَةً وَاحِدَةً، كَمَا قَالَ رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-، قَالَ) أبو سعيد -رضي الله عنه-: (فَنَظَرَ إِلَيْنَا رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-، ثُمَّ ضَحِكَ) يريد أنه أعجبه إخبار اليهوديّ عن كتابهم بنظير ما أخبر به من جهة الوحي، وكان يُعجبه موافقة أهل الكتاب فيما لم يُنزَل عليه، فكيف بموافقتهم فيما أُنزل عليه. (حَتَّى بَدَتْ نَوَاجِذُهُ) بالنون، والجيم، والذال المعجمة: جمع ناجذ، وهو آخر الأضراس، ولكل إنسان أربع نواجذ، وتُطلق النواجذ أيضًا على الأنياب، والأضراس.

(قَالَ) الرجل أيضًا: (أَلَا أُخْبِرُكَ) وفي لفظ: "ألا أُخبركم" (بِإِدَامِهِمْ؟) بكسر الهمزة؛ أي: ما يؤكل به الخبز، قال الفيّوميّ: الإدام: ما يُؤتَدَم به، مائعًا كان، أو جامدًا، وجَمْعه أُدُمٌ، مثل كتاب وكُتب، ويسكن للتخفيف، فيعامَل معاملة المفرد، ويُجمع على آدَامٍ، مثلُ قُفْل وأقفال. انتهى (١).

(قَالَ) -صلى الله عليه وسلم-: ("بَلَى" أي: أخبرني، (قَالَ) الرجل: (إِدَامُهُمْ بَالَامُ) بفتح الموحّدة، بغير همز، (وَنُونٌ)؛ أي: بلفظ أول السورة. (قَالُوا)؛ أي: الصحابة الحاضرون في ذلك المجلس: (وَمَا هَذَا؟)، وللبخاريّ: "ما هذا؟ "؛ أي: ما تفسير بالام، ونون؟ (قَالَ) الرجل: (ثَوْرٌ، وَنُونٌ) قال الخطابيّ: هكذا رووه لنا، وتأملت النسخ المسموعة من البخاريّ من طريق حماد بن شاكر، وإبراهيم بن مَعْقِل، والفِرَبريّ، فإذا كلها على نحو واحد.

قال الحافظ: وكذا عند مسلم، وكذا أخرجه الإسماعيليّ وغيره، قال الخطابيّ: فأما نون فهو الحوت، على ما فُسِّر في الحديث، وأما بالام، فدلّ التفسير من اليهوديّ على أنه اسم للثور، وهو لفظ مبهم، لم ينتظم، ولا يصح أن يكون على التفرقة اسمًا لشيء، فيُشْبه أن يكون اليهوديّ أراد أن يُعَمِّي الاسم، فقطع الهجاء، وقدم أحد الحرفين، وإنما هو في حقّ الهجاء لام ياء هجاء لَأْيٍ بوزن لَعْيٍ (٢)، وهو الثور الوحشيّ، وجمعه آلاء، بثلاث همزات،


(١) "المصباح المنير" ١/ ٩.
(٢) اللأيُ؛ كاللَّعْيِ: الثور الوحشيّ. اهـ. "ق".