وزن أحبال، فصحّفوه، فقالوا: بالام بالموحّدة، وإنما هو بالياء، آخر الحروف، وكتبوه بالهجاء، فأشكل الأمر، هذا أقرب ما يقع لي فيه، إلا أن يكون إنما عبّر عنه بلسانه، ويكون ذلك بلسانهم، وأكثر العبرانية فيما يقوله أهل المعرفة مقلوب على لسان العرب، بتقديم في الحروف، وتأخير، والله أعلم بصحته.
وقال عياض: أورد الحميديّ في اختصاره -يعني:"الجمع بين الصحيحين"- هذا الحديث بلفظ بِاللأَى، بكسر الموحّدة، وألف وصل، ولام ثقيلة، بعدها همزة مفتوحة، خفيفة، بوزن الرَّحَى، واللأى: الثور الوحشيّ، قال: ولم أر أحدًا رواه كذلك، فلعله من إصلاحه، وإذا كان هكذا بقيت الميم زائدة، إلا أن يُدَّعَى أنها حُرِّفت عن الياء المقصورة، قال: وكل هذا غير مسلَّم؛ لِمَا فيه من التكلف، والتعسف، قال: وأَولى ما يقال في هذا أن تبقى الكلمة على ما وقع في الرواية، ويُحْمَل على أنها عبرانية، ولذلك سأل الصحابة اليهوديّ عن تفسيرها، ولو كان اللأى لعرفوها؛ لأنها من لسانهم.
وجزم النوويّ بهذا، فقال: هي لفظة عبرانية، معناها ثور (١).
(يَأْكُلُ مِنْ زَائِدَةِ كَبِدِهِمَا سَبْعُونَ أَلْفًا) قال عياض -رَحِمَهُ اللهُ-: زيادة الكبد، وزائدتها: هي القطعة المنفردة المتعلَّقة بها، وهي أطيبه، ولهذأ خُصّ بأكلها السبعون ألفًا، ولعلهم الذين يدخلون الجنة بغير حساب، فُضِّلوا بأطيب النزل، ويَحْتَمِل أن يكون عبَّر بالسبعين عن العدد الكثير، ولم يُرد الحصر فيها.
وفي مسائل عبد الله بن سلام:"أن أول طعام يأكله أهل الجنة زيادة كبد الحوت"، وفي حديث ثوبان -رضي الله عنه- المتقدّم لمسلم في "كتاب الحيض": "تحفة أهل الجنة زيادة كبد النون"، وفيه:"غذاؤهم على أثرها أن ينحر لهم ثور الجنة الذي كان يأكل من أطرافها"، وفيه:"وشرابهم عليه من عين تسمى سلسبيلًا".
وأخرج ابن المبارك في "الزهد" بسند حسن، عن كعب الأحبار: أن الله تعالى يقول لأهل الجنة، إذا دخلوها:"إن لكل ضيف جزورًا، وإني أجزركم اليوم حوتًا، وثورًا، فيجزر لأهل الجنة"، والله تعالى أعلم.