فتتحد القراءتان، نعم وهي تتناول جميع علم الخلق بالنسبة إلى علم الله. ووقع في حديث ابن عباس:"أن اليهود لمّا سمعوها قالوا: أوتينا علمًا كثيرًا، التوراة، ومن أوتي التوراة فقد أوتي خيرًا كثيرًا، فنزلت:{قُلْ لَوْ كَانَ الْبَحْرُ مِدَادًا لِكَلِمَاتِ رَبِّي} الآية [الكهف: ١٠٩] "، قال الترمذيّ: حسنٌ صحيحٌ.
وقوله:{إِلَّا قَلِيلًا} هو استثناء من العلم؛ أي: إلا علمًا قليلًا، أو من الإعطاء؛ أي: إلا إعطاء قليلًا، أو من ضمير المخاطب، أو الغائب، على القراءتين؛ أي: إلا قليلًا منهم، أو منكم، والله تعالى أعلم.
مسائل تتعلّق بهذا الحديث:
(المسألة الأولى): حديث عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه- هذا متّفقٌ عليه.
(المسألة الثانية): في تخريجه:
أخرجه (المصنّف) هنا [٦/ ٧٠٣٣ و ٧٠٣٤ و ٧٠٣٥](٢٧٩٤)، و (البخاريّ) في "العلم"(١٢٥) و"التفسير"(٤٧٢١) و"الاعتصام"(٧٢٩٧) و" التوحيد"(٧٤٥٦ و ٧٤٦٢)، و (الترمذيّ) في "التفسير"(٣١٤١)، و (أحمد) في "مسنده"(١/ ٤٤٤ و ٤٤٥)، و (الطبريّ) في "التفسير"(١٥/ ١٥٥ و ١٥٦)، و (ابن حبّان) في "صحيحه"(٩٨)، و (الواحديّ) في "أسباب النزول"(ص ١٩٧)، و (الطبرانيّ) في "الصغير"(٢/ ٨٦)، والله تعالى أعلم.
(المسألة الثالثة): في فوائده:
١ - (منها): بيان جواز سؤال العالم في حال قيامه، ومشيه، إذا كان لا يثقل ذلك عليه.
٢ - (ومنها): أدب الصحابة -رضي الله عنهم- مع النبيّ -صلى الله عليه وسلم-، حيث تأدب ابن مسعود -رضي الله عنه- لَمّا علم بنزول الوحي، فوقف حتى لا يشوش عليه.
٣ - (ومنها): العمل بما يغلب على الظنّ، حيث توقّف ابن مسعود حيث ظنّ نزول الوحي.
٤ - (ومنها) التوقف عن الجواب بالاجتهاد لمن يتوقع النصّ.
٥ - (ومنها): أن بعض المعلومات قد استأثر الله -سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى- بعلمه وحقيقته؛ كالروح.