٦ - (ومنها): أن الأمر يَرِد لغير الطلب، والله أعلم.
٧ - (ومنها): ما قاله الشوكانيّ -رَحِمَهُ اللهُ-: في هذه الآية ما يزجر الخائضين في شأن الروح المتكلفين لبيان ما هَيْئتها، وإيضاح حقيقتها، أبلغ زجر، ويردعهم أعظم ردع، وقد أطالوا المقال في هذا البحث بما لا يتسع له المقام، وغالبه، بل كله من الفضول الذي لا يأتي بنفع في دين ولا دنيا.
وقد حَكَى بعض المحققين أن أقوال المختلفين في الروح بلغت إلى ثمانية عشر ومائة قول، فانظر إلى هذا الفضول الفارغ، والتعب العاطل عن النفع، بعد أن علموا أن الله سبحانه قد استأثر بعلمه، ولم يُطلع عليه أنبياءه، ولا أَذِن لهم بالسؤال عنه، ولا البحث عن حقيقته، فضلًا عن أممهم المقتدين بهم، فيالله العجب حيث تبلغ أقوال أهل الفضول إلى هذا الحدّ الذي لم تبلغه، ولا بعضه في غير هذه المسألة، مما أذن الله بالكلام فيه، ولم يستأثر بعلمه. انتهى (١)، وهو كلام وجيه، وتنبيه نَبِيه، خلاصته أنه لا ينبغي لعاقل فضلًا عن العالِم أن يشتغل بفضول الكلام، ولا سيّما فيما سدّ الشارع طريق البحث، فالواجب فيه السكوت، وتفويض علمه إلى عالم الغيب والشهادة، فهذا هو الحقّ، فماذا بعد الحقّ إلا الضلال؟ عصمنا الله تعالى من الاشتغال بما لا ينفعنا، لا في الدنيا، ولا في الآخرة، إنه جواد كريم، رؤوف رحيم آمين.
(المسألة الرابعة): فيما قاله أهل العلم في المراد بقوله تعالى: {قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي}:
قال الإسماعيليّ -رَحِمَهُ اللهُ-: يحْتَمِل أن يكون جوابًا، وأن الروح من جملة أمر الله، وأن يكون المراد: أن الله اختص بعلمه، ولا سؤال لأحد عنه.
وقال ابن القيّم -رَحِمَهُ اللهُ-: ليس المراد هنا بالأمر الطلب اتفاقًا، وإنما المراد به المأمور، والأمر يُطلق على المأمور؛ كالخلق على المخلوق، ومنه:{لَمَّا جَاءَ أَمْرُ رَبِّكَ}[هود: ١٠١].
وقال ابن بطال -رَحِمَهُ اللهُ-: معرفة حقيقة الروح مما استأثر الله بعلمه، بدليل