للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

فَإِمَّا يَنْجُوَا مِنْ خَسْفِ أَرْضٍ … فَقَدْ لَقِيَا حُتُوفَهُمَا لِزَامَا

وقال آخر:

وَلَمْ أَجْزَعْ مِنَ الْمَوْتِ اللِّزَامِ

وقيل: هو القتل بالسيف يوم بدر، وإليه نحا ابن مسعود، وهو قول أكثر الناس، وعلى هذا فتكون البطشة، واللزام شيئًا واحدًا. وقال القرطبيّ (١)، وأبو عبيدة: هو الهلاك والموت.

وأما الروم: فقد روى الترمذيّ من حديث نيار بن مكرم الأسلميّ قال: لما نزلت: {الم (١) غُلِبَتِ الرُّومُ (٢)} الآيتين [الروم: ١، ٢]، فكانت فارس يوم نزلت هذه الآية قاهرين للروم، وكان المسلمون يحبون ظهور الروم على فارس؛ لأنَّهم وإياهم أهل كتاب، وكانت قريش يحبون ظهور فارس على الروم؛ لأنَّهم وإياهم ليسوا باهل كتاب، ولا إيمان ببعث، ولما نزلت هذه الآية خرج أبو بكر يصيح في نواحي مكة بالآية، فقال كبراء المشركين: ألا نُراهنك على ذلك؟ قال: بلى، وذلك قبل تحريم الرِّهان، فارتهن أبو بكر المشركون، وأقبضوا الرهان، وقالوا لأبي بكر: كم تجعل البضع؟ البضع ثلاث سنين إلى تسع، فَسَمِّ بيننا وبينك وسطًا ننتهي إليه، فسمّوا بينهم ست سنين، فمضت الست سنين قبل أن يظهروا، فأخذ المشركون رهن أبي بكر، ولمّا دخلت السنة السابعة ظهرت الروم على فارس، فعاب المسلمون على أبي بكر تسمية سنين؛ لأن الله تعالى قال: {فِي بِضْعِ سِنِينَ} [الروم: ٤]، قال: وأسلم بعد ذلك ناس كثير. قال: هذا حديث حسن صحيح (٢).

وقال العينيّ -رَحِمَهُ اللهُ- في "عمدته": وقد علمت أن الأحاديث يفسّر بعضها بعضًا، وذلك أن أبا سفيان لمّا قال: ادع الله لهم قرأ النبيّ -صلى الله عليه وسلم- قوله تعالى: {فَارْتَقِبْ يَوْمَ تَأْتِي السَّمَاءُ بِدُخَانٍ مُبِينٍ (١٠)}، كما في رواية البخاريّ عن محمد بن كثير الذي ذكرناه، وصرّح في رواية مسلم أنه لمّا دعا الله لها أنزل الله تعالى: {إِنَّا كَاشِفُو الْعَذَابِ قَلِيلًا إِنَّكُمْ عَائِدُونَ (١٥}، فقَبِل الله دعاءه -صلى الله عليه وسلم-، فمُطروا، فلما


(١) المقصود به هنا: بقيّ بن مخلد المتوفّى سنة (٢٧٦ هـ).
(٢) "المفهم" ٧/ ٣٩٧ - ٣٩٨.