من ذلك من سائر أوجه العبادة، وفيه إشارة إلى الحث على الرفق في العبادة، وعبّر بما يدل على السير؛ لأن العابد كالسائر إلى محل إقامته، وهو الجنة، فـ "شيئًا" منصوب بفعل محذوف؛ أي: افعلوا، وقد تقدم بأبسط من هذا في كتاب الإيمان في باب: الدين يسر.
وقوله:"والقصد، القصد" بالنصب على الإغراء؛ أي: الزموا الطريق الوسط المعتدل، ومنه قوله في حديث جابر بن سمرة عند مسلم:"كانت خطبته قصدًا"؛ أي: لا طويلةً، ولا قصيرةً، واللفظ الثاني للتأكيد.
وقال في "العمدة": قوله: "والقصد، القصد" بالنصب على الإغراء؛ أي: الزموا الطريق الوسط المعتدل، تبلغوا المنزل الذي هو مقصدكم، شبّه المتعبدين بالمسافرين، فقال: لا تستوعبوا الأوقات كلها بالسير، بل اغتنموا أوقات نشاطكم، وهو أول النهار، وآخره، وبعض الليل، وارحموا أنفسكم فيما بينهما؛ لئلا ينقطع بكم، قال الله تعالى:{وَأَقِمِ الصَّلَاةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِنَ اللَّيْلِ}[هود: ١١٤]. انتهى (١).
[تنبيه]: قال الحافظ رحمه اللهُ: ووقفت على سبب لهذا الحديث، فأخرج ابن ماجه من حديث جابر، قال:"مَرّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- برجل، يصلي على صخرة، فأتى ناحية، فمكث، ثم انصرف، فوجده على حاله، فقام، فجمع يديه، ثم قال: أيها الناس عليكم القصدَ عليكم القصدَ"، والله تعالى أعلم.
مسائل تتعلّق بهذا الحديث:
(المسألة الأولى): حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- هذا متّفقٌ عليه.
(المسألة الثانية): في تخريجه:
أخرجه (المصنّف) هنا [٢٠/ ٧٠٨٥ و ٧٠٨٦ و ٧٠٨٧ و ٧٠٨٨ و ٧٠٨٩ و ٧٠٩٠ و ٧٠٩١](٢٨١٦)، و (البخاريّ) في "المرض"(٥٦٧٣) وفي "الرقاق"(٦٤٦٣)، و (ابن ماجه) في "الزهد"(٤٢٠١)، و (عبد الرزّاق) في "مصنّفه"(١١/ ٢٨٩)، و (أحمد) في "مسنده" (٢/ ٥١٤ و ٢٣٥ و ٣٢٦ و ٣٩٠ و ٥٠٩