عن أبي حازم؛ أنه (قَالَ: سَمِعْتُ سَهْلَ بْنَ سَعْدٍ السَّاعِدِيَّ) -رضي الله عنهما- (يَقُولُ: شَهِدْتُ) بكسر الهاء؛ أي: حضرت (مِنْ رَسُولِ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- مَجْلِسًا) منصوب على المفعوليّة لـ"شهِدت"، (وَصَفَ) النبيّ -صلى الله عليه وسلم- (فِيهِ)؛ أي: في ذلك المجلس، (الْجَنَّةَ، حَتَّى انْتَهَى) -صلى الله عليه وسلم- من وصفها، (ثُمَّ قَالَ -صلى الله عليه وسلم- فِي آخِرِ حَدِيثِهِ:"فِيهَا)؛ أي: في الجنّة، (مَا لَا عَيْنٌ رَأَتْ، وَلَا أُذُنٌ سَمِعَتْ، وَلَا خَطَرَ عَلَى قَلْبِ بَشَرٍ"، ثُمَّ اقْتَرَأَ) افتعال من القراءة؛ أي: قرأ النبيّ -صلى الله عليه وسلم-، وهذا صريح في أن القراءة منه -صلى الله عليه وسلم-، فيُحمل عليه حديث أبي هريرة الماضي عليه، فتنبّه. (هَذِهِ الآيَةَ:) الآتية، فقوله:({تَتَجَافَى})[السجدة: ١٦] إلخ بدل، أو عطف بيان لـ"الآية" محكيّ؛ لقصد لفظه. ({تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ})؛ أي: ترتفع، وتنبو، يقال: جفى الشيء عن الشيء، وتجافى عنه: إذا لم يلزمه ونبا عنه، والجُنوب جمع جَنْب، والجملة في محل نصب على الحال؛ أي: متجافية جنوبهم عن مضاجعهم، وهم المتهجدون في الليل الذين يقومون للصلاة عن الفراش. ({عَنِ الْمَضَاجِعِ}) جمع: المضجع، وهو الموضع الذي يضطجع فيه، ({يَدْعُونَ رَبَّهُمْ}) هذه الجملة في محل نصب على الحال أيضًا من الضمير الذي في جنوبهم، فهي حال بعد حال، ويجوز أن تكون الجملة الأُولى مستأنَفة؛ لبيان نوع من أنواع طاعاتهم، والمعنى: تتجافى جنوبهم حال كونهم داعين ربهم ({خَوْفًا}) من عذابه، ({وَطَمَعًا}) في رحمته، وانتصاب {خَوْفًا وَطَمَعًا} على العلة، ويجوز أن يكونا مصدرين منتصبين بمقدّر.
({وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ})؛ أي: من الذي رزقناهم، أو مِن رزقهم، وذلك الصدقة الواجبة، وقيل: صدقة النفل، والأَولى الحمل على العموم.
({فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ}) النكرة في سياق النفي تفيد العموم؛ أي: لا تعلم نفس من النفوس؛ أيُّ نفس كانت، ما أخفاه الله سبحانه لأولئك الذين تقدّم ذكرهم، مما تقرّ به أعينهم، ({جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ})؛ أي: لأجل الجزاء بما كانوا يعملونه في الدنيا، أو جُوْزوا جزاء بذلك (١).
وقال الإمام ابن جرير الطبريّ -رحمه اللهُ-: يقول تعالى ذِكره: تتنحَّى جُنوب