للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

"ورشحهم المسك"، وقد جاء في لفظ آخر: "لا يبولون، ولا يتغوّطون، وإنما هو عَرَق يجري من أعراضهم مثل المسك" (١)؛ يعني: من أبدانهم. انتهى (٢).

وقال في "الفتح": قوله: "لا يبصقون فيها، ولا يمتخطون، ولا يتغوطون"، زاد في رواية: "ولا يبولون، ولا يتفلون"، وفي رواية: "لا يسقمون"، وقد اشتمل ذلك على نفي جميع صفات النقص عنهم، ولمسلم من حديث جابر: "يأكل أهل الجنة، ويشربون، ولا يبولون، ولا يتغوطون، طعامهم ذلك جشاء، كريح المسك"، وكأنه مختصر مما أخرجه النسائيّ من حديث زيد بن أرقم، قال: "جاء رجل من أهل الكتاب، فقال: يا أبا القاسم تزعم أن أهل الجنة يأكلون، ويشربون، قال: نعم، إن أحدهم ليُعْطَى قوة مائة رجل في الأكل والشرب والجماع، قال: الذي يأكل ويشرب تكون له الحاجة، وليس في الجنة أذى، قال: تكون حاجة أحدهم رشحًا يفيض من جلودهم، كرشح المسك"، وسَمَّى الطبرانيّ في روايته هذا السائل ثعلبة بن الحارث.

قال ابن الجوزيّ: لمّا كانت أغذية أهل الجنة في غاية اللطافة، والاعتدال لم يكن فيها أذى، ولا فضلة تستقذر، بل يتولد عن تلك الأغذية أطيب ريح، وأحسنه. انتهى (٣).

وقال وليّ الدين -رحمه الله-: قوله: "لا يبصقون فيها، ولا يمتخطون، ولا يتغوطون فيها" هي صفة أهل الجنة مطلقًا، ولا يختصّ ذلك بالزمرة الأُولى، وقد دلّ على ذلك الرواية التي بيّن فيها صفة الذين يلونهم، وأشار إلى بقية المنازل. انتهى (٤).

وقوله: (أَمْشَاطُهُمُ الذَّهَبُ) وفي الرواية الآتية: "آنِيَتُهُمْ، وَأَمْشَاطُهُمْ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ"، والأمشاط بفتح الهمزة: جمع مشط، بتثليث الميم والأفصح ضمها؛ أي: ما يُسرّح به الشعر.

وقال المجد -رحمه اللهُ-: المشط مثلّثةً، وككتِف، وعُنُق، وعُتُلٍّ، ومِنْبَر: آلة


(١) رواه أحمد ٤/ ٣٦٧، والبيهقيّ في "البعث" ص ٢٠٥.
(٢) "المفهم" ٧/ ١٧٩.
(٣) "الفتح" ٧/ ٥٤٢ - ٥٤٣.
(٤) "طرح التثريب في شرح التقريب" ٨/ ٢٥٧.