للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

يُمتشط بها، جَمْعه أمشاط، ومِشَاطٌ. انتهى (١).

وقال أبو العباس القرطبيّ -رحمه الله-: قد يقال: أيّ حاجة في الجنة للأمشاط، لا تتلبد شعورهم، ولا تتّسخ، وأيّ حاجة للبَخور، وريحهم أطيب من المسك،

ويجاب عن ذلك بأن نعيم أهل الجنة، وكسوتهم، ليس عن دفع ألم اعتراهم، فليس أكلهم عن جوع، ولا شُربهم عن ظمأ، ولا تطييبهم عن نتن، وإنما هي لذّات متوالية، ونِعَم متتابعة، أَلَا ترى قوله تعالى لآدم -عليه السلام-: {إِنَّ لَكَ أَلَّا تَجُوعَ فِيهَا وَلَا تَعْرَى (١١٨) وَأَنَّكَ لَا تَظْمَأُ فِيهَا وَلَا تَضْحَى (١١٩)} [طه: ١١٨، ١١٩]، وحكمة ذلك أن الله تعالى نعّمهم في الجنة بنوع ما كانوا يتنعمون به في الدنيا، وزادهم على ذلك ما لا يعلمه إلا الله -عز وجل-. انتهى (٢).

وقوله: (وَرَشْحُهُمُ الْمِسْكُ)؛ أي: عَرَقهم كالمسك في طيب الرائحة، وقال المباركفوريّ: المعنى: رائحة عرقهم رائحة المسك، فهو تشبيه بليغ. انتهى (٣).

وقوله: (وَمَجَامِرُهُمُ الأَلُوَّةُ) جمع مِجْمَر، بالكسر، والضم، فبالكسر موضع وَضْع النار للبخور، وبالضم ما يتبخر به، وأُعدّ له الجمر، وهو المراد هنا؛ أي: إن بَخُورهم بالألوّة، وهو العود الهنديّ، والألوّة بفتح الهمزة، وضمها، وتشديد الواو، قال الكرمانيّ: فإن قلت: مجامر الدنيا كذلك، قلت: لا؛ إذ في الجنة نفس المجمرة هي العود. انتهى (٤).

وقال في "الفتح": قوله: "ومجامرهم الألوّة" الألوّة: العود الذي يُبخر به، قيل: جُعلت مجامرهم نفس العود، لكن في الرواية الثانية: "ووَقُود مجامرِهِم الألوّة" فعلى هذا في رواية الباب تجوّز، ووقع في رواية الصغاني بعد قوله: "الألوة"، قال أبو اليمان: يعني: العود، والمجامر جمع مِجمرة، وهي الْمِبْخَرة، سُمّيت مجمرةً؛ لأنها يوضع فيها الجمر؛ ليفوح به ما يوضع فيها من البَخُور، والألوّة بفتح الهمزة، ويجوز ضمها، وبضم اللام، وتشديد الواو، وحكى ابن التين كسر الهمزة، وتخفيف الواو، والهمزة أصلية، وقيل: زائدة، قال الأصمعيّ: أُراها فارسيّةً عُرِّبَتْ.


(١) "القاموس" ص ١٢٢٥.
(٢) "المفهم" ٧/ ١٨٠.
(٣) "تحفة الأحوذيّ" ٧/ ٢٠٦.
(٤) "شرح سنن ابن ماجه" ١/ ٣٢٢.