للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

بياضها في شدة سوادها، هذا المعروف، قال أبو عمرو: الْحَوَر أن تسودّ العين كلّها مثل أعين الظباء والبقر، وليس في بني حَوَرٌ، وإنما قيل للنساء: حُور العين؛ لأنّهن تشبّهن بالظباء والبقر، قال الأصمعيّ: ما أدري ما الْحَوَر في الْعَيْن، والْعِينُ: جمع عيناء، وهي: الواسعة العين، وفي "الصحاح": رجل أعين: واسع العين، والجمع: عِين، وأصله فُعْل بالضم، ومنه قيل لبقر الوحش: عِين، والثور أعين، والبقرة عيناء. انتهى (١).

وقوله: (أَخْلَاقُهُمْ عَلَى خُلُقِ رَجُلٍ وَاحِدٍ) قال النوويّ -رحمه الله-: قد ذكر مسلم في الكتاب اختلاف ابن أبي شيبة، وأبي كريب في ضبطه، فإن ابن أبي شيبة يرويه بضم الخاء واللام، وأبو كريب بفتح الخاء وإسكان اللام، وكلاهما صحيح، وقد اختَلَف فيه رواة "صحيح البخاريّ"، ويُرَجَّح الضم بقوله في الحديث الآخر: "لا اختلاف بينهم، ولا تباغض، قلوبهم قلب واحد"، وقد يُرَجَّح الفتح بقوله -صلى الله عليه وسلم- في تمام الحديث: "على صورة أبيهم آدم، أو على طوله". انتهى (٢).

وقوله: (عَلَى صُورَةِ أَبِيهِمْ آدَمَ)؛ أي: في حسن الْخَلْق، وجمال الصورة، وقال في "العمدة": قال في الأول: "على صورة القمر"، والتوفيق بينهما بأن يقال: الكل على صورة آدم في الطول والخلقة، وبعضهم في الحسن كصورة القمر نورًا وإشراقًا. انتهى (٣).

وقال القاري: قوله: "على صورة أبيهم آدم"؛ أي: في القامة، وبَيّنه بقوله: "ستون ذراعًا في السماء"؛ أي: طولًا، فكني عنه به، قاله الطيبيّ -رحمه الله-: وقيل: العرض سبعة، والله تعالى أعلم. انتهى (٤).

وقوله: (سِتُّونَ ذِرَاعًا فِي السَّمَاءِ")؛ أي: في العلوّ والارتفاع، ويسمى كلّ ما عَلَاك سماءً، ويعني بذلك أن الله تعالى أعاد أهل الجنة إلى خِلْقة أصلهم الذي هو آدم -عليه السلام-، وعلى صفته وطوله الذي خلقه الله عليه في الجنة، وكان طوله فيها ستين ذراعًا في الارتفاع من ذراع نفسه، والله أعلم.


(١) "المفهم" ٧/ ١٨٠.
(٢) "شرح النوويّ" ١٧/ ١٧٣.
(٣) "عمدة القاري" ١٥/ ٢٠٩.
(٤) "مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح" ١٦/ ٢٢٨.