للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

يكره للمبتدئ أن يقول: عليكم السلام، قال النوويّ: والمختار لا يكره، ويجب الجواب؛ لأنه سلام، قال الحافظ: وقوله بالأسانيد الصحيحة يوهم أن له طُرُقًا إلى الصحابي المذكور، وليس كذلك، فإنه لم يروه عن النبيّ -صلى الله عليه وسلم- غير أبي جُرَيّ، ومع ذلك فمداره عند جميع من أخرجه على أبي تميمة الْهُجيميّ راويه عن أبي جُرَيِّ، وقد أخرجه أحمد أيضًا، والنسائيّ، وصححه الحاكم، وقد اعتَرَض هو على ما دلّ عليه الحديث بما أخرجه مسلم، من حديث عائشة -رضي الله عنها-، في خروج النبيّ -صلى الله عليه وسلم- إلى البقيع، الحديث، وفيه: "قلت: كيف أقول؟ قال: قولي: السلام على أهل الديار من المؤمنين"، وكذا أخرجه مسلم من حديث أبي هريرة، أن النبيّ -صلى الله عليه وسلم- قال لمّا أتى البقيع: "السلام على أهل الديار من المؤمنين. . ." الحديث.

قال الخطابيّ: فيه أن السلام على الأموات والأحياء سواء، بخلاف ما كانت عليه الجاهلية من قولهم [من الطويل]:

عَلَيْكَ سَلَامُ اللهِ قَيْسَ بْنَ عَاصِمٍ

قال الحافظ: ليس هذا من شعر أهل الجاهلية، فإن قيس بن عاصم صحابيّ مشهور، عاش بعد النبيّ -صلى الله عليه وسلم-، والْمَرْثية المذكورة لمسلم معروف، قالها لمّا مات قيس.

ومثله ما أخرج ابن سعد وغيره أن الجنّ رَثَوا عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- بأبيات منها [من الطويل]:

عَلَيْكَ السَّلَامُ مِنْ أَمِيرٍ وَبَارَكَتْ … يَدُ اللهِ فِي ذَاكَ الأَدِيمِ الْمُمَزَّقِ

وقال ابن العربيّ في السلام على أهل البقيع: لا يعارض النهي في حديث أبي جُرَيّ؛ لاحتمال أن يكون الله أحياهم لنبيه -صلى الله عليه وسلم-، فسلَّم عليهم سلام الأحياء، كذا قال، ويردّه حديث عائشة -رضي الله عنها- المذكور، قال: ويَحْتَمِل أن يكون النهي مخصوصًا بمن يرى أنها تحية الموتى، وبمن يتطير بها من الأحياء، فإنها كانت عادة أهل الجاهلية، وجاء الإسلام بخلاف ذلك.

قال عياض: وتبعه ابن القيّم في "الهدي"، فنَقّح كلامه، فقال: كان من هدي النبيّ -صلى الله عليه وسلم- أن يقول في الابتداء: السلام عليكم، ويكره أن يقول: عليكم السلام، فذكر حديث أبي جُريّ، وصححه، ثم قال: أشكل هذا على طائفة،