قال الحافظ: ويؤخذ من كلامه موافقة القاضي حسين حيث قال: لا يجب ردّ السلام على من سَلّم عند قيامه من المجلس، إذا كان سلّم حين دخل، ووافقه المتولي، وخالفه المستظهريّ، فقال: السلام سُنَّة عند الانصراف، فيكون الجواب واجبًا، قال النوويّ: هذا هو الصواب، كذا قال (١).
(قَالَ) -صلى الله عليه وسلم-: (فَكُلُّ مَنْ يَدْخُلُ الْجَنَّةَ عَلَى صُورَةِ آدَمَ)؛ أي: على صفته، وهذا يدلّ على أن صفات النقص من سواد وغيره تنتفي عند دخول الجنة. (وَطُولُهُ سِتُّونَ ذِرَاعًا) وإثبات الواو فيه؛ لئلا يُتوهم أن قوله:"طوله" تفسير لقوله: "على صورة آدم"، وعلى هذا فقوله:"وطوله إلخ" من الخاصّ بعد العامّ، ووقع عند أحمد من طريق سعيد بن المسيِّب، عن أبي هريرة -رضي الله عنه- مرفوعًا:"كان طول آدم ستين ذراعًا في سبعة أذرع عرضًا"، وأما ما رَوَى عبد الرزاق من وجه آخر مرفوعًا:"إن آدم لمّا أُهبط كانت رجلاه في الأرض، ورأسه في السماء، فحطه الله إلى ستين ذراعًا" فظاهره أنه كان مفرط الطول في ابتداء خَلْقه، وظاهر الحديث الصحيح أنه خُلق في ابتداء الأمر على طول ستين ذراعًا، وهو المعتمَد.
ورَوى ابن أبي حاتم بإسناد حسن، عن أُبي بن كعب، مرفوعًا:"إن الله خلق آدم رجلًا طوالًا، كثير شعر الرأس، كأنه نخلة سحوق".
(فَلَمْ يَزَلِ الْخَلْقُ يَنْقُصُ بَعْدَهُ، حَتَّى الآنَ")؛ أي: أن كل قرن يكون نشأته في الطول أقصر من القرن الذي قبله، فانتهى تناقص الطول إلى هذه الأمة، واستقرّ الأمر على ذلك.
وقال ابن التين: قوله: "فلم يزل الخلق ينقص"؛ أي: كما يزيد الشخص شيئًا فشيئًا، ولا يتبيّن ذلك فيما بين الساعتين، ولا اليومين، حتى إذا كثرت الأيام تبيّن، فكذلك هذا الحكم في النقص.
قال الحافظ -رحمه الله-: ويُشكل على هذا ما يوجد الآن من آثار الأمم السالفة، كديار ثمود، فإن مساكنهم تدل على أن قاماتهم لم تكن مفرطة الطول