للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

٢ - (ومنها) أن فيه الأمرَ بتعلم العلم من أهله، والأخذ بنزول مع إمكان العلوّ، والاكتفاء في الخبر مع إمكان القطع بما دونه.

٣ - (ومنها): أن المدة التي بين آدم والبعثة المحمدية فوق ما نُقل عن الإخباريين، من أهل الكتاب وغيرهم بكثير، قاله في "الفتح" (١).

٤ - (ومنها): ما قاله النوويّ -رحمه الله-: فيه أن الوارد على قوم جُلُوس يسلم عليهم، وأن الأفضل أن يقول: السلام عليكم، بالألف واللام، ولو قال: سلام عليكم كفاه، وأن ردّ السلام يُستحبّ أن يكون زيادةً على الابتداء، وأنه يجوز في الردّ أن يقول: السلام عليكم، ولا يشترط أن يقول: وعليكم السلام. انتهى (٢)، والله تعالى أعلم.

(المسألة الرابعة): في بيان اختلاف العلماء في مرجع الضمير في قوله -صلى الله عليه وسلم-: "على صورته":

قال الإمام ابن حبّان -رحمه الله- في "صحيحه" بعد أن أخرج الحديث ما نصّه: هذا الخبر تعلّق به من لم يُحكم صناعة العلم، وأخذ يشنّع على أهل الحديث الذين ينتحلون السنن، ويذبّون عنها، ويقمعون من خالفها، بأن قال: ليست تخلو هذه الهاء من أن تُنسب إلى الله، أو إلى آدم، فإن نسبت إلى الله كان ذلك كفرًا؛ إذ {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ} [الشورى: ١١]، وإن نُسبت إلى آدم تعرى الخبر عن الفائدة؛ لأنه لا شك أن كل شيء خُلق على صورته، لا على صورة غيره، ولو تملّق قائل هذا إلى بارئه في الخلوة، وسأله التوفيق لإصابة الحقّ، والهداية للطريق المستقيم في لزوم سنن المصطفى -صلى الله عليه وسلم- لكان أَولى به من القدح في منتحلي السنن، بما يجهل معناه، وليس جهل الإنسان بالشيء دالًّا على نفي الحق عنه؛ لجهله به، ونحن نقول: إن أخبار المصطفى -صلى الله عليه وسلم- إذا صحّت من جهة النقل لا تتضادّ، ولا تتهاتر، ولا تنسخ القرآن، بل لكل خبر معنى معلوم يُعلم، وفصل صحيح يُعقل، يعقله العالمون، فمعنى الخبر عندنا بقوله -صلى الله عليه وسلم-: "خلق الله آدم على صورته" إبانة فضل آدم على سائر الخلق، والهاء راجعة إلى آدم، والفائدة من رجوع الهاء إلى آدم دون إضافتها إلى البارئ جل وعلا، جلّ ربنا


(١) "الفتح" ١٤/ ١٣٥.
(٢) "شرح النوويّ" ١٧/ ١٧٨.