للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

العائد؛ أي: يوقدها (ابْنُ آدَمَ جُزْءٌ مِنْ سَبْعِينَ جُزْءًا مِنْ حَرِّ جَهَنَّمَ")، وفي رواية لأحمد: "من مائة جزء ويُجمع بأن المراد: المبالغة في الكثرة، لا العدد الخاصّ، أو الحكم للزائد، وزاد الترمذيّ: من حديث أبي سعيد: "لكل جزء منها حرّها" (١).

وقال القرطبيّ -رحمه الله- يعني: أنه لو جُمع كل ما في الوجود من النار التي يوقدها بنو آدم لكانت جزءًا من أجزاء جهنم المذكورة، وبيانه أنه لو جُمع حطب الدنيا، فَوُقِد كله حتى صار نارًا، لكان الجزء الواحد من أجزاء نار جهنم الذي هو من سبعين جزءًا أشدّ من حر نار الدنيا، كما بيّنه في آخر الحديث. انتهى (٢).

(قَالُوا)؛ أي: الصحابة الحاضرون مجلس النبيّ -صلى الله عليه وسلم- حين حدّث بهذا الحديث (والله إِنْ كَانَتْ لَكَافِيَةً يَا رَسُولَ اللهِ،) "إن" مخفّفة من الثقيلة، واللام هي الفارقة، كما قال في "الخلاصة":

وَخُفِّفَتْ "إِنَّ" فَقَلَّ الْعَمَلُ … وَتَلْزَمُ اللَّامُ إِذَا مَا تُهْمَلُ

وَرُبَّما اسْتُغْنِيَ عَنْهَا إِنْ بَدَا … مَا نَاطِقٌ أَرَادَهُ مُعْتَمِدَا

وَالْفِعْلُ إِنْ لَمْ يَكُ نَاسِخًا فَلَا … تُلْفِهِ غَالِبًا بِـ "إِنْ" ذِي مُوصَلَا

والمعنى: أن هذه النار لكافية في إحراق الكفّار، وعقوبة الفجّار، فهلّا اكتُفي بها، ولأيّ شيء زيد في حرّها؟ (٣).

وقال القرطبيّ -رحمه الله-: قوله: "إن كانت لكافيةً"، "إن" في مثل هذا الموضع مخفَّفة من الثقيلة، عند البصريين، وهذه اللام هي المفرِّقة بين "إن" النافية، والمخففة من الثقيلة، وهي عند الكوفيين بمعنى "ما"، واللام بمعنى "إلا"، تقديره عندهم: ما كانت إلا كافية، وعند البصريين: إنها كانت كافيةً، فأجابهم النبيّ -صلى الله عليه وسلم- بأنها كما فُضّلت عليها في المقدار والعدد بتسعة وستين جزءًا، فُضلت عليها في شدّة الحر بتسعة وتسعين ضعفًا. انتهى (٤).


(١) "الفتح" ٧/ ٥٥٨ - ٥٥٩.
(٢) "المفهم" ٧/ ١٨٧.
(٣) "الكاشف عن حقائق السنن" ١١/ ٣٥٨٥.
(٤) "المفهم" ٧/ ١٨٧.