للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

أَحَادِيثَ، مِنْهَا: وَقَالَ رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-: "تَحَاجَّتِ الْجَنَّةُ وَالنَّارُ، فَقَالَتِ النَّارُ: أُوثِرْتُ بِالْمُتَكَبِّرِينَ، وَالْمُتَجَبِّرِينَ، وَقَالَتِ الْجَنَّةُ: فَمَا لِي لَا يَدْخُلُنِي إِلَّا ضُعَفَاءُ النَّاسِ، وَسَقَطُهُمْ، وَغِرَّتُهُمْ؟ (١) قَالَ اللهُ لِلْجَنَّةِ: إِنَّمَا أنتِ رَحْمَتِي أَرْحَمُ بِكِ مَنْ أَشَاءُ مِنْ عِبَادِي، وَقَالَ لِلنَّارِ: إِنَّمَا أَنْتِ عَذَابِي أُعَذِّبُ بِكِ مَنْ أَشَاءُ مِنْ عِبَادِي، وَبكُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْكُمَا مِلْؤُهَا، فَأَمَّا النَّارُ فَلَا تَمْتَلِئُ حَتَّى يَضَعَ اللهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى رِجْلَهُ، تَقُولُ: قَطْ قَطْ قَطْ، فَهُنَالِكَ تَمْتَلِئُ، وَيُزْوَى بَعْضُهَا إِلَى بَعْضٍ، وَلَا يَظْلِمُ اللهُ مِنْ خَلْقِهِ أَحَدًا، وَأمّا الْجَنَّةُ، فَإِنَّ اللهَ يُنْشِئُ لَهَا خَلْقًا").

قال الجامع عفا الله عنه: قد تقدّم هذا الإسناد نفسه في الباب الماضي، وتقدّم الكلام فيه.

شرح الحديث:

(عَنْ هَمَّامِ بْنِ مُنَبِّهٍ) الأبناويّ الصنعانيّ، أنه (قَالَ: هَذَا)؛ أي: الآتي من الأحاديث (مَا حَدَّثَنَا أَبُو هُرَيْرَةَ) -رضي الله عنه- (عَنْ رَسُولِ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-، فَذَكَرَ) همّام (أَحَادِيثَ) قد تقدّم أنها (١٣٨) حديثًا بهذا السند. (مِنْهَا: وَقَالَ رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-: "تَحَاجَّتِ) -بتشديد الجيم-، أي: تخاصمت، وتجادلت، وتعارضت.

وقال الطيبيّ -رحمه الله-: يقال: حاججته حِجَاجًا، ومُحاجّةً، فأنا محاجّ؛ أي: غالبته بالحجة، ومنه حديث: "فحجَّ آدم موسى أي: غلبه بالحجة.

قال: والحديث لا يُحمل على هذا؛ لأن كلّ واحدة منهما ليست بغالبة للأخرى فيما تكلّمت به، بل لمجرّد حكاية ما اختصمتا به، وفيها شائبةٌ من معنى الشكاية، ألا ترى كيف قال الله تعالى للجنّة: "إنما أنت رحمتي وللنار: "إنما أنت عذابي"، فأقحم كلًّا منهما بما تقتضيه مشيئته. انتهى (٢).

(الْجَنَّةُ وَالنَّارُ) قال النوويّ -رحمه الله-: هذا الحديث على ظاهره، وأن الله تعالى يخلق في الجنة والنار تمييزًا يُدرِكان به، ويقدران على المراجعة،


(١) وفي نسخة: "وعرثهم".
(٢) "الكاشف عن حقائق السنن" ١١/ ٣٥٩٦.