للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

جواب الشرط، وهو دالّ على خبر "لعلّ" (١)، وفي بعض النسخ: "إن أعطيتكها أن تسألني غيرها" (فَيَقُولُ: لَا يَا رَبِّ، وَيُعَاهِدُهُ أَنْ لَا يَسْأَلَهُ غَيْرَهَا، وَرَبُّهُ يَعْذِرُهُ) أي يجعله معذورًا، أي غير ملوم، وهو بفتح أوله، وكسر ثالثه، من العَذْر ثلاثيًّا، أو بضم أوله، وكسر ثالثه، من الإعذار رباعيًّا، قال الفيّوميّ - رَحِمَهُ اللهُ -: "عَذَرْتُهُ فِيما صَنَعَ عَذْرًا، من باب ضَرَبَ: رَفَعتُ عنه اللَّوْمَ، فهو معذورٌ: أي غير ملوم، والاسم الْعُذْرُ، وتُضَمّ الذال للاتباع، وتُسَكَّن، والجمع أعذار، قال: وأعذرته بالألف لغة، واعتذر: أي طَلَب قبول معذرته، واعتذر عن فعله: أظهر عُذْره. انتهى (٢).

(لِأَنَّهُ) أي العبد (يَرَى مَا لَا صَبْرَ لَهُ عَلَيْهِ) قال النوويّ - رَحِمَهُ اللهُ - رَحِمَهُ اللهُ -: كذا هو في الأصول في المرتين الأُوليين، وأما الثالثة فوقع في أكثر الأصول: "ما لا صبر له عليها وفي بعضها: "عليه"، وكلاهما صحيحٌ، ومعنى "عليها" أي نعمةً لا صبر له عليها: أي عنها. انتهى (٣).

قال الجامع عفا الله عنه: معنى كلام النوويّ - رَحِمَهُ اللهُ - أن "ما" عبارة عن نعمة، و"على" بمعنى "عن"، والله تعالى أعلم.

(فَيُدْنِيهِ) أي يقرّبه (مِنْهَا) أي من تلك الشجرة (فَيَسْتَظِلُّ بِظِلِّهَا، ويَشْرَبُ مِنْ مَائِهَا، ثُمَّ تُرْفَعُ لَهُ شَجَرَةٌ) أي أخرى (هِيَ أَحْسَنُ مِنَ الْأُولَى) لأن ربّه - سبحانه وتعالى - أراد له الترقّي من الأدنى إلى الأعلى (فَيَقُولُ: أَيْ رَبِّ) وفي نسخة: "يا ربّ" (أَدْنِنِي مِنْ هَذِهِ؛ لِأَشْرَبَ مِنْ مَائِهَا، وَأَسْتَظِلَّ بِظِلِّهَا) قال القاري - رَحِمَهُ اللهُ -: الواو لمطلق الجمع؛ لأن الظاهر أن الاستراحة بظلِّها قبل الشرب من مائها. انتهى (٤). (لَا أَسْأَلُكَ غَيْرَهَا) قال الطيبيّ - رَحِمَهُ اللهُ -: هو حالٌ تنازع فيه "أستظلّ"، و"أشرب" (فَيَقُولُ: يَا ابْنَ آدَمَ، أَلَمْ تُعَاهِدْنِي أَنْ لَا تَسْألَنِي غَيْرَهَا؟ فَيَقُولُ) أي الربّ - سبحانه وتعالى - الَعَلِّي إِنْ أَدْنَيْتُكَ مِنْهَا، تَسْأَلُنِي) بالرفع: أي تطلب منّي (غَيْرَهَا؟ فَيُعَاهِدُهُ أَنْ لَا يَسْأَلَهُ غَيْرَهَا، وَرَبُّهُ يَعْذِرُهُ؛ لِأَنَّهُ يَرَى مَا لَا صَبْرَ لَهُ عَلَيْه، فَيُدْنِيهِ مِنْهَا، فَيَسْتَظِلُّ


(١) "المرقاة" ٩/ ٥٤٦.
(٢) "المصباح المنير" ٢/ ٣٩٨.
(٣) "شرح النوويّ" ٣/ ٤٢.
(٤) "المرقاة" ٩/ ٥٤٧.