{فَإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (١١٨)}، في هدايته من هدى من خلقه إلى التوبة، وتوفيقه من وفَّق منهم لسبيل النجاة من العقاب. انتهى (١).
(قَالَ) -صلى الله عليه وسلم- ("فَيُقَالُ لِي: إِنَّهُمْ لَمْ يَزَالُوا مُرْتَدِّينَ عَلَى أَعْقَابِهِمْ مُنْذُ فَارَقْتَهُمْ") قال في "الفتح": قال الفربريّ: ذُكِر عن أبي عبد الله البخاريّ، عن قبيصة، قال: هم الذين ارتدوا على عهد أبي بكر -رضي الله عنه-، فقاتلهم أبو بكر؛ يعني: حتى قُتلوا، وماتوا على الكفر. وقد وصله الإسماعيليّ من وجه آخر عن قبيصة.
وقال الخطابيّ -رحمه الله-: لم يرتدّ من الصحابة أحد، وإنما ارتدّ قوم من جُفَاة الأعراب، ممن لا نُصْرة له في الدين، وذلك لا يوجب قدحًا في الصحابة المشهورين، ويدلّ قوله:"أصيحابي" بالتصغير على قلة عددهم. وقال غيره: قيل: هو على ظاهره من الكفر، والمراد بأمتي: أمة الدعوة، لا أمة الإجابة، ورُجّح بقوله في حديث أبي هريرة -رضي الله عنه-، فأقول:"بُعدًا لهم، وسحقًا"، ويؤيده كونهم خفي عليه حالهم، ولو كانوا من أمة الإجابة لعرف حالهم بكون أعمالهم تُعرض عليه. قال الحافظ: وهذا يردّه قوله في حديث أنس -رضي الله عنه-: "حتى إذا عرفتهم"، وكذا في حديث أبي هريرة -رضي الله عنه-. وقال ابن التين: يَحْتَمِل أن يكونوا منافقين، أو مرتكبي الكبائر. وقيل: هم قوم من جفاة الأعراب، دخلوا في الإسلام، رغبة، ورهبة. وقال الداوديّ: لا يمتنع دخول أصحاب الكبائر، والبدع في ذلك. وقال النوويّ: قيل: هم المنافقون، والمرتدّون، فيجوز أن يُحشروا بالغرّة والتحجيل؛ لكونهم من جملة الأمة، فيناديهم من أجل السيما التي عليهم، فيقال: إنهم بدّلوا بعدك؛ أي: لم يموتوا على ظاهر ما فارقتهم عليه. قال عياض وغيره: وعلى هذا فيذهب عنهم الغرّة والتحجيل، ويطفأ نورهم. وقيل: لا يلزم أن تكون عليهم السيما، بل يناديهم؛ لِمَا كان يعرف من إسلامهم. وقيل: هم أصحاب الكبائر، والبدع الذين ماتوا على الإسلام، وعلى هذا فلا يُقطع بدخول هؤلاء النار؛ لجواز أن يُذادوا عن الحوض أوّلًا؛ عقوبة لهم، ثم يُرحموا، ولا يمتنع أن يكون لهم غرّة، وتحجيل، فعرفهم بالسيما، سواء كانوا في زمنه أو بعده. ورجّح عياض، والباجيّ، وغيرهما ما