أخرجه (المصنّف)[١٦/ ٧١٧٧](٢٨٦٣)، و (البخاريّ) في "الرقاق"(٦٥٣٢)، و (أحمد) في "مسنده"(٢/ ٤١٨)، والله تعالى أعلم.
(المسألة الثالثة): في فوائده:
١ - (منها): بيان هول يوم القيامة، وأنه لا هول فوقه، نسأل الله تعالى أن يهوّنه علينا بمنّه وكرمه.
٢ - (ومنها): أن فائدة الإخبار بهذه الأمور أن يتنبه السامع، فيأخذ في الأسباب التي تخلصه من تلك الأهوال، ويبادر إلى التوبة من التبعات، ويلجأ إلى الكريم الوهاب في عونه على أسباب السلامة، ويتضرع إليه في سلامته من دار الهوان، وإدخاله دار الكرامة بمنّه، وكرمه.
٣ - (ومنها): ما قال الشيخ أبو محمد بن أبي جمرة -رحمه الله-: ظاهر الحديث تعميم الناس بذلك، ولكن دلَّت الأحاديث الأخرى على أنه مخصوص بالبعض، وهم الأكثر، ويستثنى الأنبياء، والشهداء، ومن شاء الله، فأشدّهم في العَرَق الكفار، ثم أصحاب الكبائر، ثم مَن بعدهم، والمسلمون منهم قليل بالنسبة إلى الكفار، كما تقدم تقريره في حديث بَعْث النار، قال: والظاهر أن المراد بالذراع في الحديث: المتعارَفُ، وقيل: هو الذراع الملكيّ، ومن تأمل الحالة المذكورة عرف عِظَم الهول فيها، وذلك أن النار تَحُفّ بأرض الموقف، وتُدْنَى الشمسُ من الرؤوس قدر ميل، فكيف تكون حرارة تلك الأرض، وماذا يَرويها من العرق، حتى يبلغ منها سبعين ذراعًا؟ مع أن كل واحد لا يجد إلا قدر موضع قدمه، فكيف تكون حالة هؤلاء في عرقهم، مع تنوعهم فيه؟ إن هذا لممّا يَبهر العقول، ويدل على عظيم القدرة، ويقتضي الإيمانُ بأمور الآخرة أن ليس للعقل فيها مجال، ولا يُعترض عليها بعقل، ولا قياس، ولا عادة، وإنما يؤخذ بالقبول، ويدخل تحت الإيمان بالغيب، ومن توقف في ذلك دلّ على خسرانه، وحرمانه. انتهى (١)، والله تعالى أعلم.