(عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ) بن يزيد (بْنِ جَابِرٍ) فهو منسوب إلى جدّه؛ أنه قال:(حَدَّثَنِي سُلَيْمُ) بصيغة التصغير، (ابْنُ عَامِرٍ) قال: (حَدَّثَنِي الْمِقْدَادُ بْنُ الأَسْوَدِ) تقدّم أنه المقداد بن عمرو، وأن الأسود تبنّاه في الجاهليّة، فنُسب إليه. (قَالَ) المقداد -رضي الله عنه-: (سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- يَقُولُ:"تُدْنَى) بالبناء للمفعول، (الشَّمْسُ يَوْمَ الْقِيَامَة) متعلّق بـ "تُدنى"، وكذا قوله:(مِنَ الْخَلْقِ)؛ أي: الذين اجتمعوا في عرصات الموقف.
وقال القرطبيّ -رحمه الله-: قوله: "تُدنى الشمس"؛ أي: تُقَرَّب، والميل: اسم مشترك بين مسافة الأرض، والْمِرْود الذي تُكحل به العين، ولذلك أشكل المراد على سُليم بن عامر، والأَولى به هنا: مسافة الأرض، لأنَّها إذا كان بينها وبين الرؤوس مقدار المِرْود، فهي متصلة بالرؤوس؛ لقلّة مقدار المرود. انتهى (١).
(حَتَّى تَكُونَ) الشمس (مِنْهُمْ كَمِقْدَارِ مِيلٍ"، قَالَ سُلَيْمُ بْنُ عَامِرٍ: فَوَاللهِ مَا أَدْرِي مَا يَعْنِي بِالْمِيلِ) "ما" الأُولى نافية، والثانية استفهاميّة؛ أي: أيّ شيء يقصد المقداد -رضي الله عنه- بقوله:"الميل"، (أَمَسَافةَ)؛ أي: أيقصد، (الأَرْضِ) لأن الميل بكسر الميم يُطلق عليها.
قال، الفيّوميّ -رحمه الله-: المِيلُ بالكسر عند العرب: مقدار مَدَى البصر من الأرض، قاله الأزهريّ، وعند القدماء من أهل الهيئة ثلاثة آلاف ذراع، وعند الْمُحْدَثين أربعة آلاف ذراع، والخلاف لفظيّ؛ لأنهم اتفقوا على أن مقداره ست وتسعون ألف إصبع، والإصبع ست شُعَيرات، بطن كلّ واحدة إلى الأخرى، ولكن القدماء يقولون: الذراع اثنتان وثلاثون إصبعًا، والْمُحْدَثون يقولون: أربع وعشرون إصبعًا، فإذا قُسم الميل على رأي القدماء كلّ ذراع اثنين وثلاثين كان المتحصل ثلاثة آلاف ذراع، وإن قُسم على رأي المُحْدثين أربعًا وعشرين كان المتحصل أربعة آلاف ذراع، والفَرْسَخُ عند الكلّ ثلاثة أميال، وإذا قُدّر المِيلُ بالغلوات، وكانت كلّ غلوة أربعمائة ذراع كان ثلاثين