للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

مَنْ يَكُونُ إِلَى حَقْوَيْهِ) بفتح الحاء المهملة، وتُكسر: موضع شدّ الإزار، وهو الخاصرة، ثم توسعوا، حتى سَمَّوا الإزار الذي يُشدّ على العورة حَقْوًا، والجمع: أَحْقٍ، وحُقِيٌّ، مثل فَلْس وفُلُوس، وقد يُجمع على حِقَاءٍ، مثل سَهْم وسهام (١).

(وَمِنهُمْ مَنْ يُلْجِمُهُ) بضمّ أوله، من الإلجام، (الْعَرَقُ إِلْجَامًا") الإلجام: إدخال اللجام في الفم، والمعنى: يَصِل العرق إلى فمه، فيمنعه من الكلام، كاللجام، كذا في "المجمع"، قال ابن الملك: إن قلت: إذا كان العرق كالبحر يُلجم البعض، فكيف يصل إلى كعب الآخر؟.

قلنا: يجوز أن يخلق الله تعالى ارتفاعًا في الأرض تحت أقدام البعض، أو يقال: يُمسك الله تعالى عَرَق كل إنسان بحسب عمله، فلا يصل إلى غيره منه شيء، كما أمسك جِرْية الحوت في البحر لموسى -عليه السلام-. قال القاري -رحمه الله-: المعتمَد هو القول الأخير، فإن أمر الآخرة كله على وفق خرق العادة، أما ترى أن شخصين في قبر واحد، يعذّب أحدهما، وينعَّم الآخر، ولا يدري أحدهما عن غيره. انتهى (٢).

وقال القرطبيّ -رحمه الله-: وهذا العرق إنما هو لشدّة الضغط، وحرّ الشمس التي على الرؤوس، بحيث تغلي منها الرأس، وحرارة الأنفاس، وحرارة النار المحدقة بأرض المحشر؛ ولأنها تخرج منها أعناق تلتقط الناس من الموقف، فترشح رطوبة الأبدان من كل إنسان بحسب عمله، ثم يجمع عليه ما يرشح منه بعد أن يغوص عرقهم في الأرض مقدار سبعين باعًا، أو ذراعًا، أو عامًا على اختلاف الروايات.

[فإن قيل]: فعلى هذا يكون الناس في مثل البحر من العرق، فيلزم أن يسبح الكل فيها سبحًا واحدًا، فكيف يكونون متفاضلين بعضهم إلى عقبيه، وبعضهم إلى فمه، وما بينهما؟.

[قلنا]: يزول هذا الاستبعاد بأوجه، أقربها وجهان:


(١) "المصباح المنير" ١/ ١٤٥.
(٢) "تحفة الأحوذيّ" ٧/ ٨٩.