للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وصاروا جِيَفًا، يقال: جَيَّفَ الميت، وجاف، وأجاف، وأرْوَح، وأنتن بمعنى واحد، قاله النوويّ (١).

وقال ابن الأثير: "قد جيّفوا"؛ أي: أنتنوا، يقال: جافت الميتة، وجَيَّفت، واجتافت، والجيفة جُثّة الميت إذا أنتن. انتهى (٢).

(قَالَ) -صلى الله عليه وسلم-: ("وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ) وهو الله -سبحانه وتعالى-، فيه مشروعيّة الحلف دون استحلاف. (مَا)، نافية (أَنْتُمْ بِأَسْمَعَ لِمَا أَقُولُ مِنْهُمْ، وَلَكِنَّهُمْ لَا يَقْدِرُونَ أَنْ يُجِيبُوا"، ثُمَّ أَمَرَ بِهِمْ) الظاهر أن "ثُمّ" هنا ليست للترتيب الزمنيّ، وإنما هي للترتيب الذِّكريّ بدليل الرواية السابقة، فإنها قَدّمت جعلهم في البئر، ثم ذكرت مجيئه -صلى الله عليه وسلم- إليهم، وقد جمع بعض الشرّاح (٣) بأن بعضهم كان مقذوفًا في القليب قبل المخاطبة، وبعضهم كان خارجها، فألقي فيها بعد المخاطبة، كما في أميّة بن خلف، وهذا الجمع لا يخفى بُعده عن سياق الروايات، فالجمع الذي ذكرته أَولى، فتنبّه، والله تعالى أعلم.

(فَسُحِبُوا)؛ أي: جرُّوا من مصارعهم (فَأُلْقُوا فِي قَلِيبِ بَدْرٍ) قال الفيّوميّ -رحمه الله-: القَلِيبُ عند العرب: البئر العاديّة القديمة، مطويةً كانت، أو غير مطوية، والجمع قُلُبٌ، مثلُ بريد وبُرُد. انتهى (٤).

وقال المجد -رحمه الله-: القَليبُ: البِئرُ، أو العادِيَّةُ القَديمةُ منها، ويُؤَنَّثُ، جمعه: أقْلِبَةٌ، وقُلْبٌ، وقُلُبٌ. انتهى (٥).

وقال النوويّ -رحمه الله-: القليب، والطَّوِيّ بمعنى، وهي البئر المطويّة بالحجارة، قال أصحابنا: وهذا السحب إلى القليب ليس دفنًا لهم، ولا صيانةً، وحرمةً، بل لدفع رائحتهم المؤذية، والله تعالى أعلم.

مسألتان تتعلّقان بهذا الحديث:

(المسألة الأولى): حديث أنس بن مالك -رضي الله عنه- هذا من أفراد المصنّف -رحمه الله-.


(١) "شرح النوويّ" ١٧/ ٢٠٧.
(٢) "النهاية في غريب الأثر" ١/ ٣٢٥.
(٣) راجع: "شرح الشيخ الهرريّ " ٢٦/ ٤٩.
(٤) "المصباح المنير" ٢/ ٥١٢.
(٥) "القاموس المحيط" ص ١٦٣.