للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

يَسْتَطِيعُ أَنْ يُنْكِرَ) شيئًا مما سئل عنه، والجملة مستأنفة، أو في محلّ نصب على الحال، وفي رواية أبي عوانة: "وهو مقرّ ليس بمنكر" (وَهُوَ مُشْفِقٌ) أي خائف، والجملة في محلّ نصب على الحال (مِنْ كِبَارِ ذُنُوبِه، أَنْ تُعْرَضَ عَلَيْهِ) "أن" مصدريّة، والفعل مبنيّ للمفعول، والمصدر المؤوّل بدل من "كبار"، أي من عرضها عليه؛ لأن العذاب المترتّب عليها أكبر وأشدّ (فَيُقَالُ لَهُ) وفي رواية أبي عوانة: "فإذا أراد الله به خيرًا قال: أعطوه مكان كلّ سيّئة حسنة" (فَإِنَّ لَكَ مَكَانَ كُلِّ سَيِّئَةٍ حَسَنَةً) أي يبدّل الله تعالى بفضله، وكريم عفوه سيئاتك هذه حسنات، فتُعطى بدل كلّ سيّئة حسنةً.

قال القاري - رَحِمَهُ اللهُ -: هذا إما لكونه تائبًا إلى الله تعالى، وقد قال الله تعالى: {إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا (٧٠)} [الفرقان: ٧٠].

قال: لكن يُشكل بأنه كيف يكون آخر أهل النار خروجًا؟، ويمكن أدى يقال: فَعَلَ بعد التوبة ذنوبًا استحقّ بها العقاب، وأما وقوع التبديل له فمن باب الفضل من ربّ الأرباب، قال: والثاني أظهر، ويؤيّده أنه حينئذ طمِعَ في كَرَم الله - سبحانه وتعالى -. انتهى (١).

(فَيَقُولُ) الرجل لَمّا رأى سعة فضل الله تعالى، وعظيم إحسانه، مع كثرة إساءته إليه (رَبِّ) بحذف حرف النداء، أي يا رب، كما قال الحريريّ - رَحِمَهُ اللهُ - في "ملحة الإعراب":

وَحْذْفُ "يَا" يَجُوزُ فِي النِّدَاءِ … كَقَوْلِهِمْ: "رَبِّ اسْتَجِبْ دُعَائِي"

(قَدْ عَمِلْتُ أَشْيَاءَ) أي من كبار الذنوب (لَا أَرَاهَا هَا هُنَا") أي في صحائف الأعمال، أو في مقام التبديل، قال أبو ذرّ - رضي الله عنه - (فَلَقَدْ رَأَيْتُ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - ضَحِكَ حَتَّى بَدَتْ نَوَاجِذُهُ) زاد في رواية لأبي عوانة: "ثم تلا رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: {فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ} [الفرقان: ٧٠].

و"النواجذ": جمع نَاجِذٍ، وهو السنّ بين الضِّرْس والناب، قال ثعلب: المراد الأنياب، وقيل: الناجذ آخر الأضراس، وهو ضِرسُ الْحُلُم؛ لأنه ينبُتُ


(١) "المرقاة" ٩/ ٥٥٣.