للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وهو مستعيذ بمكة، وسيأتي أن عبد اللَّه بن صفوان ردّ على من زعم ذلك، وقد صدق؛ لأن الجيش الذي غزا ابن الزبير لم يُخسف بهم، والحقّ أن هذا سيجيء بعدُ -إن شاء اللَّه تعالى- (١).

قالت أم سلمة: (فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَكَيْفَ بِمَنْ كانَ كارِهًا؟)؛ أي: لفعلهم؛ أي: فكيف يعذَّب معهم، مع أنه كاره لفعلهم، لا راضٍ له؟ (قَال) -صلى اللَّه عليه وسلم-: ("يُخْسَفُ بِهِ)؛ أي: بمن كان كارهًا، (مَعَهُمْ) لكون عذاب الدنيا يعمّ الطالحِ والصالح، كما قال تعالى: {وَاتَّقُوا فِتْنَةً لَا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً} [الأنفال: ٢٥] (وَلَكِنَّهُ)؛ أي: الكاره، (يُبْعَثُ) بالبناء للمفعول، (يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَلَى نِيَّتِهِ") معناه: أن الأمم التي تعذَّب، ومعهم من ليس منهم، يصاب جميعهم بآجالهم، ثم يُبعثون على نياتهم، وأعمالهم، فالطائع يجازى بنيّته وعمله، والعاصي تحت المشيئة، قاله المناوي (٢).

وقال النوويّ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: أي: يقع الهلاك في الدنيا على جميعهم، ويصدرون يوم القيامة مصادر شتى؛ أي: يُبعثون مختلفين على قدر نيّاتهم، فيُجازَون بحَسَبها، قال: وفي هذا الحديث أن من كَثَّر سواد قوم جرى عليه حُكمهم في ظاهر عقوبات الدنيا. انتهى (٣).

(وَقَالَ أَبُو جَعْفَرِ) (٤) محمد بن عليّ بن الحسين بن عليّ بن أبي طالب الهاشميّ المدنيّ، المعروف بالباقر المتوفّى سنة بضع عشرة ومائة، تقدّمت ترجمته في "المقدمة" ٦/ ٦١. (هِيَ بَيْدَاءُ الْمَدِينَةِ)؛ أي: هذه البيداء المذكورة في هذا الحديث: بيداء المدينة التي قُدّام ذي الحليفة من جهة مكة، واللَّه تعالى أعلم.

مسائل تتعلّق بهذا الحديث:

(المسألة الأولى): حديث أم سلمة -رضي اللَّه عنها- هذا من أفراد المصنّف -رَحِمَهُ اللَّهُ-.

(المسألة الثانية): في تخريجه:

أخرجه (المصنّف) هنا [٢/ ٧٢١٢ و ٧٢١٣] (٢٨٨٢)، و (أبو داود) في


(١) "تكملة فتح الملهم" ٦/ ٢٦٢.
(٢) "تحفة الأحوذيّ" ٦/ ٣٢٧.
(٣) "شرح النوويّ" ١٨/ ٧.
(٤) هو الباقر، كما في "عمدة القاريّ" ١١/ ٢٣٦.