المراد: مَن خاطر فيها بنفسه أهلكته، ونحوه قول القائل: من غالبها غلبته. انتهى.
(وَمَنْ وَجَدَ فِيهَا مَلْجَأً)؛ أي: عاصمًا، أو موضعًا يلتجئ إليه، ويعتزل فيه، (فَلْيَعُذْ بِهِ)؛ أي: فليلجأ إلى ذلك الموضع.
ووقع في رواية البخاريّ:"فمن وجد منها ملجأ، أو معاذًا، فليَعُذ به"، قال في "الفتح": قوله: "ملجأ"؛ أي: يلتجئ إليه من شرّها، وقوله:"أو معاذًا" بفتح الميم، وبالعين المهملة، وبالذال المعجمة: هو بمعنى الملجأ، قال ابن التين: ورويناه بالضم؛ يعني: مُعاذًا، وقوله:"فليعذ به"؛ أي: ليعتزل فيه؛ لِيَسْلَم من شر الفتنة، وفي رواية سعد بن إبراهيم:"فليستعذ"، ووقع تفسيره في حديث أبي بكرة الآتي عند مسلم، ولفظه:"فإذا نزلت فمن كان له إبل فليلحق بإبله، وذكر الغنم، والأرض، قال رجل: يا رسول اللَّه أرأيت من لم يكن له؟ قال: يَعْمِد إلى سيفه، فيدُقّ على حدّه بحجر، ثم لينجُ إن استطاع".
وفيه التحذير من الفتنة، والحثّ على اجتناب الدخول فيها، وأن شرّها يكون بحَسَب التعلق بها، والمراد بالفتنة: ما ينشأ عن الاختلاف في طلب المُلك، حيث لا يُعْلَم المحقّ من المبطل. انتهى (١).
مسائل تتعلّق بهذا الحديث:
(المسألة الأولى): حديث أبي هريرة -رضي اللَّه عنه- هذا متّفقٌ عليه.
(المسألة الثانية): في تخريجه:
أخرجه (المصنّف) هنا [٣/ ٧٢١٩ و ٧٢٢٠ و ٧٢٢١](٢٨٨٦)، و (البخاريّ) في "المناقب"(٣٦٠١) و"الفتن"(٧٠٨١ و ٧٠٨٢)، و (الطيالسيّ) في "مسنده"(٢٣٤٤)، و (أحمد) في "مسنده"(٢/ ٢٨٢)، و (أبو يعلى) في "مسنده"(١٠/ ٣٧٣)، و (ابن حبّان) في "صحيحه"(٥٩٥٩)، و (البيهقيّ) في "الكَبرى"(٨/ ١٩٠)، و (البغويّ) في "شرح السُّنَّة"(٤٢٢٩)، واللَّه تعالى أعلم.
(المسألة الثالثة): في اختلاف أهل العلم في هذا الحديث: