للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

فتبيّن بهذا أن الأرجح فيه الوقف؛ لأن الذي رفعه من الثقات روح فقط، على خلاف فيه، وأما ابن لَهِيعة فضعيفٌ، لكن الموقوف في مثل هذا له حكم الرفع؛ لأنه مما لا يُقال بالرأي، ولم يشتهر جابر في الرواية عن أهل الكتاب، فلهذا أورده المصنّف - رَحِمَهُ اللهُ - هنا، على أن جابرًا - رضي الله عنه - صرّح بسماع بعضه من النبيّ - صلى الله عليه وسلم - في رواية عمرو بن دينار التالية، فتنبّه، والله تعالى أعلم.

(قَالَ: فتُدْعَى الْأُمَمُ بِأَوْثَانِهَا) أي مع أوثانها التي كانت تعبدها، وهو بفتح الهمزة: جمع وَثَن بفتحتين، وهو الصنم، سواء كان من خشب، أو حجر، أو غيره، ويُجمع أيضًا على وُثُن بضمّتين، مثلُ أَسَد وأُسُد، ويُنسب إليه من يتديَّن بعبادته على لفظه، فيقال: رجلٌ وَثَنيّ، وقوم وَثَنيّون، وامرأةٌ وَثنيّة، ونساء وثنيّات (١)، وقوله: (وَمَا كَانَتْ تَعْبُدُ) من عطف العامّ على الخاصّ، وقوله: (الْأَوَّلُ فَالْأَوَّلُ) بالرفع بدل من "الأمم"، و"أل" بدل من المضاف إليه، أي يُدعى أوّلها، ثم الذي يليه، وهكذا (ثُمَّ يَأْتِينَا رَبُّنَا بَعْدَ ذَلِكَ) تقدّم بيان معنى إتيان الله تعالى، ومجيئه، وأن ذلك من صفات فعله، كالنزول، والاستواء، فهو ثابت له - سبحانه وتعالى -، على ما يليق بجلاله، فلا وجه لتأويله كما يفعل الشرّاح، فتنبّه لذلك، فإنه من مزالّ الأقدام (فَيَقُولُ: مَنْ تَنْظُرُونَ؟) "من" استفهاميّة، و"تنظرون" بمعنى تنتظرون (فَيَقُولُونَ: نَنْظُرُ رَبَّنَا، فَيَقُولُ: أَنَا رَبُّكُمْ، فَيَقُولُونَ: حَتَّى نَنْظُرَ إِلَيْكَ، فَيَتَجَلَّى لَهُمْ يَضْحَكُ) قال النوويّ: تَقَدَّم قريبًا معنى الضحك، وأما التجلّي فهو الظهور، وإزالة المانع من الرؤية، ومعنى "يتجلى يضحك": أي يظهر، وهو راض عنهم. انتهى.

قال الجامع عفا الله عنه: قد أسلفت آنفًا أن هذا تأويل غير صحيح، بل الصواب أن الضحك ثابت لله تعالى على الحقيقة كما يليق بجلاله - سبحانه وتعالى -، وأما الرضا فإنه من لوازم الضحك، وليس هو معنى الضحك، فتبصّر، والله تعالى الهادي إلى سواء السبيل.

(قَالَ: فَيَنْطَلِقُ بِهِمْ، وَيَتَّبِعُونَهُ، وَيُعْطَى كُلُّ إِنْسَانٍ مِنْهُمْ، مُنَافِقٍ أَوْ مُؤْمِنٍ) بالجرّ على البدل لـ "إنسان"، (نُورًا) مفعول ثان لـ "يُعْطَى".


(١) "المصباح المنير" ٢/ ٦٤٧ - ٦٤٨.