للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

أما المؤمن فإنه يُعطى على مقتضى الوعد السابق، كما وعدهم الله تعالى بقوله: {وَالَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ أُولَئِكَ هُمُ الصِّدِّيقُونَ وَالشُّهَدَاءُ عِنْدَ رَبِّهِمْ لَهُمْ أَجْرُهُمْ وَنُورُهُمْ} الآية [الحديد: ١٩]، وبقوله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَآمِنُوا بِرَسُولِهِ يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِنْ رَحْمَتِهِ وَيَجْعَلْ لَكُمْ نُورًا تَمْشُونَ بِهِ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (٢٨)} [الحديد: ٢٨]، وغير ذلك من الآيات.

وأما المنافق، فإظهارًا لمخادعته المؤمنين بإظهار إيمانه، فيُعطى نورًا، ثم يُطفأ ذلك النور، في وقت تشتدّ إليه حاجتهم، فيطلبون من المؤمنين أن يقتبسوا منهم النور، فيردّون عليهم أشدّ الردّ، كما بيّن الله - عَزَّ وَجَلَّ - ذلك بقوله: {يَوْمَ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالْمُنَافِقَاتُ لِلَّذِينَ آمَنُوا انْظُرُونَا نَقْتَبِسْ مِنْ نُورِكُمْ قِيلَ ارْجِعُوا وَرَاءَكُمْ فَالْتَمِسُوا نُورًا فَضُرِبَ بَيْنَهُمْ بِسُورٍ لَهُ بَابٌ بَاطِنُهُ فِيهِ الرَّحْمَةُ وَظَاهِرُهُ مِنْ قِبَلِهِ الْعَذَابُ (١٣) يُنَادُونَهُمْ أَلَمْ نَكُنْ مَعَكُمْ قَالُوا بَلَى وَلَكِنَّكُمْ فَتَنْتُمْ أَنْفُسَكُمْ وَتَرَبَّصْتُمْ وَارْتَبْتُمْ وَغَرَّتْكُمُ الْأَمَانِيُّ حَتَّى جَاءَ أَمْرُ اللَّهِ وَغَرَّكُمْ بِاللَّهِ الْغَرُورُ (١٤)} [الحديد: ١٣ - ١٤].

(ثُمَّ يَتَّبِعُونَهُ) أي يتّبعون توجيهه - سبحانه وتعالى - (وَعَلَى جَسْرِ جَهَنَّمَ) "الْجِسْرُ": بفتح الجيم، وكسرها: ما يُعْبَرُ عليه، مَبْنيًّا كان أو غير مبنيّ، جمعه جُسُور (١). (كَلَالِيبُ) بالفتح: كَلُّوب، أو كُلّاب بالضمّ، ويُسمّى الْمِهْمَاز، وهي حديدة معطوفةٌ، كالْخُطّاف، وفي "التهذيب": الْكُلّاب، والْكَلّوب: خشبة في رأسها عُقّافة (٢) منها، أو من حديد (٣) كالْكُلّاب (وَحَسَك) بفتحتين: جمع حَسَكَة: وهي شوكة صُلْبةٌ معروفة، قاله ابن الأثير (٤). (تَأْخُذُ مَنْ شَاءَ اللهُ، ثُمَّ يُطْفَأُ نُورُ الْمُنَافِقِينَ) قال النوويّ - رَحِمَهُ اللهُ -: رُوي بفتح الياء وضمها، وهما صحيحان، معناهما ظاهر. انتهى.

قال الجامع عفا الله عنه: وجه الفتح أنه مضارع طَفِئ، يقال: طَفِئت النار تَطْفَأُ بالهمزة، من باب تَعِبَ طُفُوءًا على فُعُول: خَمَدَتْ (٥)، وأما وجه الضمّ،


(١) "المصباح المنير" ١/ ١٠١.
(٢) "الْعُقّافة كالرّمّانة": خشبة في رأسها حُجْنَة - أي تقوّس - يُمَدّ بها الشيء، كالْمِحْجَن. اهـ. "ق" ص ٧٥٥.
(٣) "لسان العرب" ١/ ٧٢٥.
(٤) "النهاية" ١/ ٣٨٦.
(٥) راجع: "المصباح المنير" ١/ ٣٧٥.