ويستفاد منه أنه لا بأس بمدح الأوصاف الحسنة، وإن تحلّى بها الكفّار؛ لحضّ المحسلمين على الأخذ بها؛ لأنهم أهلها، وأحقّ الناس بها، والحقّ ضالّة المؤمن (١)، والله تعالى أعلم.
ثم فصّل تلك الخصال بقوله:(إِنَّهُمْ)؛ أي: الروم، (لأَحْلَمُ النَّاسِ عِنْدَ فِتْنَةٍ)؛ أي: أصبرهم عند وقوع فتنة، وابتلائهم بها، (وَأَسْرَعُهُمْ إفَاقَةً) يقال: أفاق المجنون إفاقةً: رجع إليه عقله، (بَعْدَ مُصِيبَةٍ) وفي بعض النُّسخ: "عند مصيبة"، (وَأَوْشَكُهُمْ)؛ أي: أسرعهم (كَرَّةً)؛ أي: رجوعًا إلى عدوهّم، (بَعْدَ فَرَّةٍ)؛ أي: بعد فرارهم عنهم؛ يعني: أن جيشهم بعد صولته، وانهزامه سريع الرجوع والهجوم على عدوه، (وَخَيْرُهُمْ)؛ أي: أشفق الناس (لِمِسْكينٍ)؛ أي: فقير، (وَيَتِيمٍ) هو الذي مات أبوه، فيقومون بإصلاح حاله، (وَضَعِيفٍ) في الخلقة، كالزَّمَن، والأعمى، والأعرج، أو بالمرض، (وَخَامِسَةٌ)؛ أي: ولهم أيضًا خصلة خامسة لهذه الأربعة، وكأنه تذكّرها بعد أن عدّها أربعة، وقوله:(حَسَنَةٌ جَمِيلَةٌ) إنما وصفها به مع أن الأربعة كذلك؛ لكونها عزيزة في الناس، (وَ) بيّن الخامسة بقوله: (أَمْنَعُهُمْ مِنْ ظُلْمِ الْمُلُوكِ) يَحْتَمِل أن يكون المعنى: أنهم يمنعون الناس عن أن يظلموا الملوك، أو أنهم يمنعون الملوك أن يظلموا الناس، وأخرجه أحمد في "مسنده" ولم يذكر: "وأسرعهم إفاقة بعد مصيبة"، بل جعل الخامسة رابعة، والله تعالى أعلم.
مسألتان تتعلّقان بهذا الحديث:
(إلى مسألة الأولى): حديث المستورد بن شدّاد - رضي الله عنه - هذا من أفراد المصنّف - رَحِمَهُ اللهُ -.
(المسألة الثانية): في تخريجه:
أخرجه (المصنّف) هنا [١٠/ ٧٢٥١ و ٧٢٥٢](٢٨٩٨)، و (أحمد) في "مسنده"(٤/ ٢٣٠)، و (البزّار) في "مسنده"(٨/ ٣٩٠)، و (الطبرانيّ) في "الكبير"(٢٠/ ٣٠٩ و ٣١٠) و"الأوسط"(١/ ٧٣)، و (أبو نعيم) في "الحلية"(٨/ ٢٢٩)،